٣ ـ الحلف والعهد : بأن يقول الرجل لآخر : «دمي دمك وهدمي هدمك (١) ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك».
فأقرّ الإسلام ما عدا التّبني الذي أبطله بقوله تعالى : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) [الأحزاب ٣٣ / ٤]. وأما التوارث بالنّسب فأقره بقوله تعالى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) [النساء ٤ / ٣٣] ، وأما التوارث بالعهد فأجازه بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) [النساء ٤ / ٣٣].
وزاد الإسلام في مبدأ الأمر سببين آخرين هما الهجرة والمؤاخاة ، ثم نسخ العمل بهما بقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) [الأنفال ٨ / ٧٥]. واستقر العمل على أن أسباب الإرث ثلاثة : النسب ، الزواج ، الولاء ، أي الإرث بسبب عتق السيد عبده أو أمته.
التفسير والبيان والأحكام :
حقوق الأولاد في الميراث :
بدأ الله تعالى بالأولاد ، لأنهم أحق بالعطف والعون لضعفهم ، أما الأصول فقد يكون لهم حق واجب على غير المتوفى ، أو لهم قدرة على الكسب. فقال : يعهد إليكم في ميراث أولادكم ، بمعنى يأمركم ويفرض عليكم في شأن أولادكم من بعدكم أو في ميراثهم ما يستحقون من أموالكم ، على أساس قاعدة : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أي إذا مات الميت ، وترك ذكورا وإناثا ، فللذكر ضعف الأنثى ؛ لأن الرجل مطالب بالنفقة وبالعمل والتكسب وتحمل المشاق ودفع مهر زوجته ، ولا تطالب المرأة بالإنفاق على أحد ، سواء أكانت بنتا أم أختا أم أمّا أم زوجة أم عمة أم خالة ، وإنما بعد الكبر أو البلوغ تنفق على نفسها إن لم تكن زوجة.
__________________
(١) أي إذا أهدر دمي أهدر دمك.