البحث الثّاني عشر
في أنّ الترحّم المكرّر علّامة الحسن
إذا ترحّم واحد من الأجلّاء العلماء على أحد ، أو ترضى عن أحد ، لا في مورد وموردين ، بل في موارد كثيرة ، يكشف ذلك عن حسنه ، فنعتمد على رواياته. وجه الكشف أمر ظاهر عرفا ؛ إذ لو لا صلاحه ومكانته الدينيّة لم يكن هنا داع للترحّم عليه والتّرضى عنه كلّما سمّي اسمه ؛ إذ يبعد من الأكابر أن يعظّموا ذاك التعظيم ، أو يعتني ذاك الاعتناء بالمجهول الحال ، فضلا عن الكذّاب والوضّاع.
وأمّا ما ذكره سيّدنا الأستاذ في منع هذا الاستظهار في دروسه وكتابه (١) فهو ضعيف ، بل غير مربوط بالفرض ، أعني : كثرة التّرضي والتّرحم دون ذكرهما مرّة أو مرّتين ، فإنّه غير موجب للحسن أو الوثاقة ، فلاحظه تجد صدق ما قلنا. (٢)
ومن هنا يثبت حسن جماعة من مشائخ الصّدوق رحمهالله الّذين يترحّم عليهم أو يترضّى عنهم كثيرا في كتبهم ، ولا مناص عن الالتزام باعتبار رواياتهم.
ومن هنا بنيّنا على حسن حال أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار خلافا للسّيد الأستاذ المتقدّم ، ولما ذهبنا إليه سابقا من الحكم بمجهوليّة حاله.
وعلى هذا الأساس نحكم بصحّة حديث رفع التسعة عن الامّة المبحوث عنه في علم الاصول مفصّلا ، نعم ، ربّما يشكّل اعتباره من جهة المناقشة في رواية حريز ـ الرّاوي الأوّل ـ رواية مباشرة عن الإمام عليهالسلام.
__________________
(١) معجم رجال الحديث : ١ / ٩١.
(٢) المراد بالكثرة ما يوجب اطمئنان الباحث بصدق الرّاوي ، وهو يختلف باختلاف الباحثين وحالاتهم النفسيّة.