وثالثا
: إنّ الاستدلال
بها موقوف على أنّ المراد من البيّنة ، البيّنة الاصطلاحيّة ، أعني بها : تعدّد
المخبرين ، كما كان يصرّ عليه سيّدنا الأستاذ الحكيم قدسسره ، حينما ذاكرت معه هذا الموضوع في بيته.
فلو قلنا بعدم
حقيقة شرعيّة أو متشرعيّة في زمان الصّادق عليهالسلام للفظة المذكورة وإنّها استعملت بمعناها اللغوي الأعمّ من
معناها الاصطلاحي ، لكانت الرّواية شاملة للخبر الواحد أيضا فإنّه بيّنة عرفيّة
إذا كان مخبره ثقة. وعليه يكون خبر الثّقة ـ سواء كان عادلا شرعيّا أم لا ـ حجّة
مطلقا في الأحكام والموضوعات الّتي منها أحوال الرّواة كالوثاقة والعدالة والضعف ،
وغيرها فإذا أخبر بها الثّقة لزم قبولها.
وهذا الاحتمال هو
الأرجح لما قرّرناه في شرح كفاية الاصول من التفصيل بين الألفاظ المستعملة في لسان
النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام بالنسبة إلى ثبوت الحقيقة الشّرعيّة والمتشرّعية ، فتلاحظ
في الحكم بثبوت الحقيقة المذكورة وعدمه لكلّ لفظ ، كثرة استعماله وقلّته.
والظّاهر عدم
إثبات استعمال لفظ : (بيّنة) في لسان النّبي الأكرم والأئمّة عليهمالسلام في معناه المصطلح عليه اليوم بحدّ يوجب نقلها إليه ، ولا
أقل من الشّك والأصل عدمه ، نعم ، استعمل فيه من باب استعمال المطلق في أحد أفراده
لا من باب استعمال اللفظ في معناه. فتأمّل.
ثمّ لو تنزّلنا عن
ذلك وفرضنا ردع الشّارع عنه في الموضوعات ، لكان لنا أيضا القول بحجيّة قول
الرّجالي من باب النبأ ، وتوضيح ذلك :
إنّ الموضوعات على
قسمين :
أحدهما
: ما هو موضوع لحكم
جزئي كحياة زيد ، وموت عمرو وكرية ماء ، ونجاسة ثوب وطهارة ظرف ، وملكيّة حائط ،
والطلوع ، والغروب ، وأمثال ذلك.
ثانيهما
: ما هو موضوع أو
جزء موضوع للأحكام الكليّة كوثاقة زيد أو ضعفه ، فإنّه يترتّب عليه حكم كلّي نقله
عن الإمام.
__________________