النقل ، عن يونس غير ثابت لما قيل من أن في بعض النسخ محمّد بن قيس بدل محمّد بن عيسى ، وهو غير محرز الوثاقة.
وأيضا استثناء حديث : «من أدرك المشعر ...» ردّ آخر على النجّاشي في الجملة.
وأمّا حريز فرواياته أكثر عن الصّادق عليهالسلام ، ولعلّها تتجاوز عن المائتين ، ولا يمكن الحكم بإرسالها.
وربّما يقال : إنّ يونس تلميذ حريز ، فاخباره عنه يحتمل الحسّ ـ أي : احتمال سماعه ـ من حريز واعترافه بأنّه لم يسمع من الصّادق عليهالسلام حديثا ، فيحمل شهادته على الحسّ.
وقيل ، أيضا : إنّ النجّاشي نقل شهادة يونس ولم يخدش فيها ، وهو قد قرء كتاب حريز الذي كان أشهر كتب الإماميّة منذ عصر الصّادق عليهالسلام ، فلو كانت الشّهادة المذكورة غير صحيحة لما سكت عن التعليق عليها.
وأمّا رواياته المرويّة بلفظ (عن) عن الإمام ، فليست لها ظهور قوي يعارض نقل يونس. نعم ، له روايات بلفظ سمعت الصّادق عليهالسلام أو سألت الصّادق عليهالسلام ، وهي : تعارض قول يونس ومثلها ما يحكي ما وقع بينهما من الوقائع.
وقد يجاب عنه : بأنّ الموارد المشتملة على لفظة سألت ، وما بحكمها ليست كثيرة جدّا ، بحيث يتقين أن ما يزيد على موردين منها قد وقع بالفعل ، والكثرة بحدّ ذاتها ليست من المرجّحات.
أقول : إذا ثبت بسند معتبر أنّ حريزا نقل عن الصّادق عليهالسلام ثلاثة أحاديث ، فهو يعارض نقل يونس ، لكنّ الكلام في المرجع بعد التعارض والتساقط ، إذا لم يطمئن بخلاف نقل يونس من كثرة تلك الأحاديث ، ولعلّه أصالة عدم سماعه من الإمام.
وهنا شيء آخر ، وهو إمكان الاعتماد على روايات حريز بحساب الاحتمالات بالنظر إلى أنّ معظم مشائخ حريز من الثقات ، أو أنّ معظم رواياته المرويّة عن الصّادق عليهالسلام قد توسط فيها الرجال الثقات ، كما يظهر من معجم رجال الحديث ، فيكون احتمال كون الواسطة في رواياته المنقولة عن الإمام عليهالسلام ضعيفا ، لا يعبأ به ، فلاحظ وتأمّل.
والعمدة في رفع الإشكال وعدم ثبوت نقل يونس هو ذكر محمّد بن قيس الّذي لم يعلم حاله مكان محمّد بن عيسى في بعض نسخ الكشّي كما قيل ، وأمّا نقل النجّاشي ، فلم يفهم إنّ الجملة الأخيرة (وليس بثبت) من النجّاشي أو من قائل القول المجهول كما يظهر من العلّامة