ثم جلسوا ، فابتدر الشيخ البهائي في نقل بعض القضايا والأبحاث ، وهكذا الى أن أورد بحثاً في التفسير عويصاً ، فتكلم عليه بعبارة سهلة فهمها الجميع ، ثم دقّق العبارة حتى لم يفهم ما يقوله إلّا البوريني ، ثم أغمض في العبارة فلم يفهم حتى البوريني.
هذا والجمع صموت جمود ، لا يدرون ما يقولون ، غير أنّهم يسمعون تراكيب واعتراضات وأجوبة تأخذ بالألباب.
عندها نهض البوريني واقفاً على قدميه فقال : إن كان ولابد فأنت البهائيّ الحارثيّ ، إذ لا أحد اليوم بهذه المثابة إلّا هو.
فاعتنقا ، وأخذا في إيراد أنفس ما يحفظان.
وسأله الشيخ البهائي كتمان أمره ، وافترقا ، ولم يقم بعدها ، بل رحل الى حلب (١).
ويذكر العرضي (٢) في ترجمته قال : قدم ( حلب ) مستخفياً في زمن السلطان مراد بن سليم (٣) ، مغيراً صورته بصورة رجل درويش ، فحضردرس الوالد الشيخ عمر (٤) ، وهولايظهر أنّه طالب عالم ، حتى فرغ من الدرس.
فسأل الوالد عن أدلة تفضيل الصدّيق على المرتضى ، فذكر أحاديث منها حديث « ما طلعت الشمس » وغيرها.
فردّ عليه ، ثم ذكرأشياء كثيرة تقتضي التفضيل للمرتضى ، فشتمه الوالد!!! وقال له : رافضي شيعي ، وسبّه وسكت!!
________________________
(١) خلاصة الأثر ٣ : ٤٤٣ ، وانظر : سانحات دمى القصر ٢ : ١٢٧.
(٢) أبوالوفاء بن عمر بن عبد الوهاب الشافعي العرضي ، عالم فاضل ، مشارك ، مفتي الشافعية بحلب ، له : معادن الذهب في الأعيان المشرفة بهم حلب ، طريق الهدى ، شرح الألفية ، حاشية على أنوار التنزيل ، وغيرها.
توفي سنة : ١٠٧١ هـ ـ ١٦٦١ م.
كشف الظنون ١ : ١٤٨ / هدية العارفين ٢ : ٢٨٨ / ريحانة الألبا ١ : ٢٦٩ رقم ٣٩ خلاصة الأثر١ : ١٤٨ / معجم المؤلفين ١٣ : ١٦٥ وغيرها.
(٣) هو السلطان مراد بن السلطان سليم بن السلطان سليمان القانوني المتوفى ٤ ج ١ سنة ١٠٠٣.
(٤) تقدمت ترجمته صحيفة : ٤.