وهذا القول وإن كان مستبعداً بحسب
الظاهر إلّا أنَّ إبطاله لا يخلو من إشكال ، كما أنَّ إثباته كذلك.
وقد
استدلوا عليه : بأنَّه متحرك منتقل ، فإنه ينحدر من الشمس إلى الأرض ، وينتقل من
مكان إلى آخر ، والأعراض ليست كذلك.
وأجاب القائلون بعَرضيّته : بأنه ليس
ثمة حركة وانتقال ، وإنَّما هو حدوث ؛ فإن مقابلة الجسم الكثيف للمضيء معدّ لحدوث
الضوء فيه ، والحركة والانتقال محض توهّم.
وسببه : أنَّ حدوث الضوء في الجسم
السافل لما كان بسبب مقابلته للجسم العالي تُخيِّل أنَّه انحدر من العالي إلى
السافل.
وحدوثه في القابل لما كان تابعاً لوضعه
ومحاذاته للمضيء ـ بحيث إذا زالت تلك المحاذاة إلى قابل آخر زال الضوء عن الأول
وحدث في ذلك الآخر ـ ظُنّ أنّه انتقل من الأول إلى الثاني.
واستدلوا على بطلان القول بجسميته : بأنّه
محسوس بحس البصر ، فلو كان جسماً [١٦١ / ب] لكان ساتراً لما يحيط به ، وكان الأشد
ضوءاً أشد استتاراً.
واعترض عليه : بأنَّ الحائل بين الرائي
والمرئي إنَّما يستر المرئي إذا كان كثيفاً لعدم نفوذ شعاع البصر فيه أما إذا كان
شفافاً فلا ؛ فإن صفحة البلّور تزيد ما خلفها ظهوراً وانكشافاً ، ولذلك يستعين بها
الطاعنون في السن على قراءة الخطوط الدقيقة.
واُجيب عنه : بانه لو كان جسماً لم تكن
كثرته موجبة لشدة الإحساس بما تحته ، لأنّ الحس يشتغل به ، فكلَّما كان أكثركان
الاشتغال به أكثرفيقل الاحساس بما وراءه ، ألا ترى أنَّ تلك الصفحة إذا غلظت جدا
أوجبت لما تحتها ستراً ، وأنَّ الاستعانة بالرقيقة منها إنَّما هي للعيون الضعيفة
لاحتياجها إلى جمع