فكسر" أوان" ونوّن.
قال أبو العباس. إنما نون من قبل أن الأوان من أسماء الزمان ، وأسماء الزمان قد تكون مضافات إلى الجمل ، كقولك : " هذا يوم يقوم زيد" و" أتيتك زمن الحجاج أمير". فإذا حذفت الجمل عوضت منها التنوين ، كما فعلت فيما أضيف على غير متمكن ؛ كقولك : " يومئذ" و" حينئذ". فهذا معنى ما قال أبو العباس ، وأظنني قد زدت فيه شرح دخول التنوين ؛ لأن الغالب في ظني عن أبي العباس ، وهو الذي حكاه أصحابه عنه أنه قال : هو بمنزلة : " قبل" و" بعد" حين بني لما حذف عنهما من المضاف إليه ، فرأيت هذا القول يختل من جهة أن" قبل" و" بعد" وما جرى مجراهما ، متى حذف عنهما المضاف إليه ، لم يخل من أن تكون معرفة أو نكرة ، فإذا كان معرفة كان مبنيا على حالة واحدة ؛ كقولك : " جئتك من قبل" ، و" جئتك قبل" ؛ فإن كان نكرة كان معربا ، كقولك : " جئتك قبلا وبعدا" و" جئتك من قبل".
والصحيح في" أوان" عندي أنه نوّن ، وبني لعلتين اثنتين :
إحداهما : أنه كان مضافا إلى جملة حذفت عنه ، فاستحق التنوين عوضا من حذفها ، بمنزلة : " إذ" ، ولم تكن بمنزلة : " قبل" و" بعد" ؛ لأن" قبل" و" بعد" كان مضافا إلى اسم واحد ، وبني إذ قد صيرت في معنى : " إذ" حين حذفت الجملة منها ، وبقي فيها عوضها وهو التنوين ، فصار كاسم حذف بعضه ، وبقي بعضه ، والتقى في آخره ساكنان : التنوين الذي دخل عوضا ، والنون الذي ينبغي إسكانه للبناء ، فكسرت.
ويجوز عندي أن تكون النون لم تكسر لالتقاء ، ولكنها بنيت في أول أحوالها على الكسر ، ثم دخل التنوين لم ذكرنا.
فإن قال قائل : ولم أجزت ذلك؟
قيل له : من قبل أني رأيت" الأوان" متمكنا في غير هذه الحال ؛ كقولك : " هذا أوان المطر" ، وقولك : " هذا الأوان طيب". ورأيت سيبويه ومن بعده من النحويين البصريين يقولون : إن المبني متى ما كان متمكنا قبل حال بنائه ، وجب أن يبنى على حركة ، كما قالوا في المنادى المفرد : " يا حكم" و" يا جعفر" ، وكما قالوا : قبل