وللشمس حناذ ، ومعناها أن تشوي ما يقع عليه لحرارتها ، ومنه قول الله تعالى : (بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) وقال الشاعر في المنية :
لحقت حلاق بهم على أكسائهم |
|
ضرب الرّقاب ولا يهمّ المغنم (١) |
ويدخل في هذا الباب قولهم يا فساق ويا خباث ويا لكاع ، وبابه أن يكون في النداء إلا أن يضطر شاعر فيذكره في غيره مضطرا. قال الشاعر :
أطوّف ما أطوّف ثم آوي |
|
إلى بيت قعيدته لكاع (٢) |
والعلة في بناء هذا على الكسر كالعلة فيما قبله ، والاختلاف فيه كالاختلاف فيه.
والوجه الرابع : ما كان معدولا عن فاعله نحو حذام وقطام ، فأما أهل الحجاز فإنهم يجعلونها كالأبواب الثلاثة التي قبلها فيبنونها ويكسرونها لاجتماع التأنيث والعدل والتعريف ، كما كان ذلك فيما قبل ، وعلة أبي العباس أنها قبل العدل غير منصرفة فإذا عدلت زادها العدل ثقلا فبنيت ، وقد ذكرنا هذا المعنى ، قال الشاعر :
إذا قالت حذام فصدّقوها |
|
فإن القول ما قالت حذام (٣) |
وقال آخر :
أتاركة تدلّها قطام |
|
وضنّا بالتحية والسّلام (٤) |
وأما بنو تميم فإنهم يجرونها مجرى ما لا ينصرف من المؤنث نحو زينب وعمرة ، فيقولون جاءتني قطام ومررت بقطام ولقيت قطام إلا ما كان آخره راء فإنّ أكثرهم يوافق أهل الحجاز فيكسر الراء ، وذلك أن الراء لها حظ في الإمالة ليس لغيرها من الحروف فيكسرونها على الأحوال من جهة الإمالة التي تكون في الحرف ليكون الكسر من جهة واحدة ، وذلك نحو حضار اسم لكوكب عظيم في مجرى سهيل وقربه ، وجعار اسم للضبع ووبار موضع ، ويزعمون أنه بلد للجن ويذكرون فيه أحاديث وقصصا ليس هذا موضع ذكرها.
__________________
(١) البيت للأخزم بن قارب في اللسان (حلق) ، وبلا نسبة في سيبويه ٢ / ٣٥ والكامل ٤ / ٢٠٧.
(٢) البيت للحطيئة في ديوانه ١٤٨ ، وابن يعيش ١ / ٥١٨ ، ومعاني القرآن ١٤٦.
(٣) البيت منسوب لزهير بن جناب ولجيم بن صعب وجرير في معاني القرآن ١ / ٢١٥. وشرح الأشموني ٣ / ٢٦٨ ، وشرح ابن يعيش ١ / ٥٢٤.
(٤) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه ١٥٨ وفيه (الكلام) مكان (السّلام).