متفلّق أنساؤها عن قاني |
|
كالقرط صاو غبره لا يرضع (١) |
والغبر : بقيّة اللّبن ، أي ليس بها لبن فترضع.
والدعاء وإن كان لا يسمى أمرا على ما ذكرنا فسبيله سبيل الأمر في الإعراب من كل وجه ، وهو أيضا في المعنى مثل الأمر ، وذلك أن الداعي ملتمس من المدعو إيقاع ما يدعوه به ، كما أن الآمر مريد من المأمور إيقاع ما يأمره به.
ويدخل في الأمر : " أما زيدا فجدعا له" ؛ لأنك تريد فجدعه الله ، وإذا كان الدعاء بغير فعل لم ينصب الاسم الأول ، وذلك قولك : " أما زيد فسلام عليه" ، و" أما الكافر فلعنة الله عليه" ؛ لأنه لم يظهر فعل فتجعله تفسيرا لما ينصب.
قال : وأما قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(٢)(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما)(٣).
فهذا عند سيبويه مبني على ما قبله ، كأنه قال : ومما نقص عليكم السارق والسارقة ، والزانية والزاني ، فقد تم الكلام ، ثم قال : فاجلدوا ، فجعل الفاء جوابا للجملة.
قال : ومثله : (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ)(٤).
فمثل الجنة اسم مرفوع ، وتمامه محذوف ، كأنه قال : ومما نقصّ عليك مثل الجنة ، فقد تم الكلام بهذا.
ثم قال من بعد : (فِيها أَنْهارٌ ،) بعد تمام الجملة الأولى كما قال تعالى : (فَاجْلِدُوا) بعد الجملة الأولى.
قال : " وإنما وضع المثل للحديث الذي بعده".
يعني أنه لما قال : (مَثَلُ الْجَنَّةِ) ـ وقد قلنا : إن التقدير فيه ومما نقصّ عليكم مثل
__________________
(١) سورة المائدة ، آية ٣٨.
(٢) سورة المائدة ، آية : ٢٨.
(٣) سورة النور ، آية : ٢.
(٤) سورة محمد ، آية : ١٥.