ويصح شاهداك ؛ لأن الدعوى لا تثبت مجرّدة ، وحقيقة هذا الكلام ما يثبت شاهده شاهديك ، لأن معنى قولك : يثبت شاهداك أي تثبت شهادة شاهديك ، ومنه قول الناس : " أثبت فلان في الديوان" ، أي أثبت اسمه ..
قال : (ولا يجوز أن تضمر هذا ؛ لأن المتكلم لا يشير إلى نفسه ، ولا يشار للمخاطب إلى نفسه).
لا تقول : "وهذا أنت" ، ولا "هذا أنا" ، فلذلك لم تضمر هذا أنت فانظر"
وقد قال سيبويه في غير هذا الموضع : (ها أنا ذا وها أنت ذا في معنى هذا أنا ، وهذا أنت" ، فهو يخالف الذي ذكره هاهنا في الظاهر وإذا صرنا إليه فسّرناه هناك إن شاء الله تعالى. وذكر قوله تعالى : (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ)(١) فخرجه على الوجهين : إضمار المبتدأ ، وإضمار الخبر ، فإضمار الابتداء كأنه قال : أمري طاعة ، وإضمار الخبر قوله : " طاعة وقول معروف أمري").
والوجه الرابع الذي عندي : أن ترفع" أنت" بيكون ؛ لأن المصادر تعمل عمل الأفعال ، فكأنك قلت : أن تروح أنت أم تبكر أنت ، كما قال تعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيماً)(٢) على تقدير أو أن يطعم يتيما ، فكذلك هذا" أم أن تبكر أنت".
وفيه وجه خامس : وهو أن تجعل البكور في معنى باكر ، كما تقول : " زيد إقبال وإدبار" أي مقبل ومدبر.
ويجوز فيه وجه سادس : وهو أن تحذف المضاف ، وتقيم المضاف إليه مقامه ، كأنك قلت : أم صاحب بكور ، حذفت الصاحب كما قال تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(٣).
وفي البيت : " أرواح مودّع" ، والرواح لا يودّع ، قال الأصمعي : يودّع فيه ، كما قال
__________________
(١) سورة محمد ، آية : ٢١.
(٢) سورة البلد ، آية : ١٤ ـ ١٥.
(٣) سورة يوسف ، آية : ٨٢.