والموجع يتعديان ، فيصير كأنه : مكلّ موهنا بدوامه عليه ، كما يقال : " أتعبت يومك" ، ونحو ذلك من المجاز والاتساع.
وكان الجرمي يجيز تعدي" فعل" على مذهب سيبويه ، قال : لأنه جاء على وزن الفعل ، فأشبه أن يكون جاريا مجراه وليس بكثير.
قال سيبويه : (ويقال إنه لمنحار بوائكها).
يعني : سمانها وأقناها ، الواحد بائك." ومنحار" : مفعال وقد ذكرناه.
قال : (وفعل أقل من فعيل بكثير).
يعني : أن اسم الفاعل على" فعيل" أكثر منه على" فعل". وقد ذكرنا مذهبه ومذهب من يخالفه في تعدي" فعيل ، وفعل".
قال : (وأجروه حين بنوه للجمع يعني فعولا كما كان أجرى في الواحد ؛ ليكون" كفواعل" حين أجرى مجرى مثل" فاعل" ، من ذلك قول طرفة :
ثمّ زادوا أنّهم في قومهم |
|
غفر ذنبهم غير فجر) (١) |
ويروى : فخر يعني : أنهم أجروا جمع" فعول" ، و" فعيل" ، وما كان للمبالغة في باب التعدي مجرى جمع" فاعل" في التعدي ، و" غفر" جمع : غفور ، وقد عدوّه إلى ذنبهم ، كما عدوا غفور. وقال الكميت : وليس بحجة عند الأصمعي :
شمّ مهاوين أبدان الجزور مخا |
|
ميض العشيّات لا خور ولا قزم (٢) |
فعدى" مهاوين" إلى أبدان الجزور ، وهي جمع" مهوان" ، مثل : منحار ومعناه : أنه يهين اللحم إذا نحر الجزور ، ويعطي.
قال : (ومنه قدير ، وعليم ، ورحيم ، لأنه يريد المبالغة في الفعل ، وليس هذا بمنزلة قولك : حسن وجه الأخ ؛ لأن هذا لا يقلب ولا يضمر ، وإنما حده أن يتكلم به في الألف واللام ، أو نكرة ولا يعني أنك أوقعت فعلا سلف منك إلى أحد ، ولا يحسن أن تفصل بينهما ، فتقول : " هو كريم" فيها حسب الأب).
يعني : أن قديرا وعليما يتعدى كتعدي الفعل ، ويقدم المفعول عليه ويؤخر ويضمر
__________________
(١) الديوان ٧٨ ، الخزانة ٣ / ٤٦٤ ، الدرر اللوامع ٢ / ١٣١.
(٢) البيت للكميت الأسدي الخزانة ٣ / ٤٤٨ ، سيبويه ١ / ٥٩ ـ الأعلم ١ / ٥٩.