قائمة الکتاب
باب الفاعل الذي يتعدّاه فعله إلى مفعول
٢٦٢
إعدادات
شرح كتاب سيبويه [ ج ١ ]
شرح كتاب سيبويه [ ج ١ ]
المؤلف :أبي سعيد السّيرافي الحسن بن عبدالله بن المرزبان
الموضوع :اللغة والبلاغة
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :504
تحمیل
" قعود" من قولك : " قعد قعودا" عمل في" قعدة" و" قعدتين" إذا قلت : " قعد قعدة" و" قعدتين" وعمل في" القرفصاء" ، و" الصّمّاء" و" القهقرى" ، لأنه صفة المصدر وضرب منه ، فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.
قال سيبويه : " ويتعدّى إلى الزّمان نحو قولك : ذهب ؛ لأنّه بني لما مضى منه وما لم يمض ، فإذا قال : ذهب ، فهو دليل على أنّ الحدث فيما مضى من الزمان ، وإذا قال : سيذهب ، فهو دليل على أنه سيكون فيما يستقبل من الزّمان ، ففيه بيان ما مضى وما لم يمض منه ، كما أن فيه استدلالا على وقوع الحدث".
قال أبو سعيد : وقد بينا أن أولى المفعولات بعمل الفعل فيه ، ما دلّت صيغة الفعل عليه مجملا. وقد ذكرنا المصادر التي قد دلّت صيغة الفعل عليها ، وقد دلّت صيغة الفعل على الزمان مجملا أيضا ، فكان عمله فيه كعمله في المصدر.
فإن قال قائل : الفعل يدلّ على الزمان كدلالته على المكان ؛ لأنه قد علم أنه لا يقع إلا في مكان ، كما أنه لا يقع إلا في زمان.
قيل له : هذا المعنى وإن كان مفهوما منهما جميعا من طريق المعنى فإنّ صيغة الفعل تحصّل لنا زمانا دون زمان بذاتها ؛ لأنا إذا قلنا : " ذهب" حصل لنا زمان ماض دون غيره ، وإذا قلنا : " يذهب" حصل لنا زمان غير ماض بلفظ الفعل ، ولا يحصل لنا مكان بعينه دون مكان ، فلذلك كانت ظروف الزّمان أولى بالفعل.
قال سيبويه : " وإن شئت لم تجعلها ظرفا ، فهو يجوز في كل شيء من أسماء الزمان ، كما كان في كل شيء من أسماء الحدث".
قال أبو سعيد : اعلم أنّ الظروف على ضربين : منها متمكّن ، وغير متمكن فالمتمكّن منها ما يجوز أن يكون مرفوعا في حال ، نحو" اليوم" و" الّليلة" و" خلفك" ، و" قدّامك" ؛ لأنك تقول : " اليوم طيّب" ، و" الّليلة مظلمة" ، و" خلفك واسع". وغير المتمكّن ما لا يدخله الرفع ولا يستعمل إلا ظرفا نحو : " قبل" و" بعد" و" عند" ؛ لأنّك لا تقول : " قبلك قديم" ولا" بعدك متأخّر" ولا" عندك واسع".
وهذان النوعان يستقصيان في باب الظروف ، وإنما قدّمنا ذكرهما ؛ لأنّ الظرف المتمكن يجوز أن يجعل مفعولا على سعة الكلام ويقام مقام الفاعل ، والظرف الذي لا يتمكّن لا يجعل مفعولا على السّعة ولا يقام مقام الفاعل ، فإذا قلت : " صمت اليوم"