لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا.
ومن ذلك قول الفرزدق :
راحت بمسلمة البغال عشيّة |
|
فارعى فزارة لا هناك المرتع (١) |
وأراد : " لا هنأك المرتع" فقلب الهمزة ألفا ، حين احتاج إلى تسكينها ، كما تقلب الألف همزة إذا احتاج إلى تحريكها.
ومثله :
ولا يرهب ابن العمّ ما عشت صولتي |
|
ولا أختتي من صولة المتهدّد |
وإنّي وإن أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي (٢) |
أراد : " ولا أختتئ" فقلب من الهمزة ياء حين احتاج إلى تسكينها.
وإنما جعلنا هذا في ضرورة الشعر ؛ لأن الهمزة المتحرّكة إذا كان قبلها فتحة ، أو كانت مضمومة وقبلها كسرة ، كان تليينها أن تجعل بين بين ، ولا تبطل حركتها ، وقد تبطل حركتها في مواضع غير هذه ، وستقف عليها إن شاء الله تعالى. وأما قول حسان :
سالت هذيل رسول الله فاحشة |
|
ضلّت هذيل بما قالت ولم تصب (٣) |
وقول الآخر :
سالتاني الطّلاق أن رأتاني |
|
قلّ ما لي قد جئتما بنكر |
ويكأن من يكن له نشب يح |
|
بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (٤) |
فإن هذا ليس من تخفيف الهمز ، وذلك أن من العرب من يقول : " سلته أساله" ، " وهما يتساولان" فلا يهمز ، وإنما أتى به الشاعر غير مهموز على هذه اللغة.
قال أبو العباس محمد بن يزيد : ومن أقبح الضرورات التي ينبغي أن لا يجوز مثلها ولا تصح ، أبيات تروي عن بعض المتقدمين :
إذا ما المرء صمّ فلم يناج |
|
ولم يك سمعه إلا ندايا |
ولا عب بالعشيّ بني بنيه |
|
كفعل الهرّ يلتمس العطايا |
__________________
(١) البيت في ديوانه ٥٠٨.
(٢) البيتان لعامر بن الطفيل ١٥٥ ، واللسان (ختأ).
(٣) البيت في ديوانه ٦٧ ، وابن يعيش ٤ / ١٢٢.
(٤) البيتان منسوبان لزيد بن عمرو بن نفيل القرشي في سيبويه ١ / ٢٩٠.