البر" ، فلما سمي بها بطل المعنى الذي كان من أجله يقع النعت بها وهو الفعلية ، فلم يبق له في حال التنكير إلا وزن الفعل ، وليس كذلك" أحمر" من قبل أن" أحمر" وقع في أول أحواله صفة على وزن الفعل ، فشارك الفعل في حال فعليته في الوزن وفي معنى الصفة ، فمنع الصرف لذلك.
وقال سيبويه : " اعلم أن النكرة أخف عليهم من المعرفة ، وهي أشد تمكنا ؛ لأن النكرة أول ، ثم يدخل عليها ما تعرّف به ، فمن ثم أكثر الكلام ينصرف في النكرة".
قال أبو سعيد : قد تقدم من تفسيرنا ما دل على أن النكرة أخف من المعرفة ، وهي أشد تمكنا منها ؛ لأنها لخفتها تحتمل ما لا تحتمله المعرفة ، واحتمالها ما لا تحتمله المعرفة أنها تحتمل التنوين في الموضع الذي توجد الأسماء المعارف فيه غير منصرفة ، نحو" أحمد" و" طلحة" و" عمر" و" إبراهيم" ، إذا نكرت انصرفت ، فاحتملت حين خفت بتنكيرها ما لا تحتمله حين عرفت.
وتمكن الشيء المتمكن هو وجوده متصرفا في أكثر من حركة ، إذا كان اللفظ يتصرف في حركتين ، ولفظ آخر يتصرف في أكثر من ثلاث حركات وتنوين ، فالذي يتصرف في ثلاث حركات وتنوين أشد تمكنا ؛ لأنه أكثر تصرفا.
وقد استعمل سيبويه لفظ التمكن في الظروف ولم يرد بها الإعراب ، قال : كل ظرف يكون مرفوعا في حال ومنصوبا في حال فهو متمكن ، نحو قولنا اليوم والليلة وخلفك وأمامك : لأنك تقول : قمت اليوم ، وقمت الليلة ، وقمت خلفك وأمامك فتكون ظروفا ، ثم تقول : اليوم طيب ، والليلة باردة ، وخلفك واسع ، وأمامك ضيق ، فتكون أسماء مرفوعة ، فيقال ما جرى هذا المجرى من هذه الظروف ظرف متمكن ، فليس يراد به أنه متمكن بمعنى متصرف أنه معرب ، إنما يراد أنه يدخله الرفع ، وكل ظرف لا يدخله الرفع فهو غير متمكن ، وإن كان معربا نحو" قبل" و" بعد" و" عند" ؛ تقول : " أنا عندك" و" خرجت من عندك" و" رأيته قبلك" و" من قبلك" ، ولا تقول : عندك ولا قبلك ولا بعدك مرفوعا بوجه من الوجوه ، فهذه غير متمكنة من الظروف ، وإن كانت معربة بدخول الجر والنصب عليها.
وأما المتمكن من الأسماء فهو كل ما دخله الإعراب منصرفا كان أو غير منصرف وإنما كان غير منصرف متمكنا ؛ لأنه تصرف ضربا من التصرف ، وهو تنقله من فتحة إلى