الخفة والثقل ، فجعل هذه العلة علة في كل ما ثقل من الأسماء ، بدخول العلل المثقلة لها عليها ، في منع التنوين وتمام الحركات التي تكون في الأسماء الخفيفة ، تشبيها لما ثقل من الاسم بالفعل ، وأشرك بينما لاشتراكهما في الثقل ونقصانهما عن تمكن الاسم الأخف. فهذه جملة مقدمة لهذا المعنى ، وستقف على شرحها من كلامه في هذا الباب ، وعلى تفصيل مسائلها وتعرفها في باب ما ينصرف وما لا ينصرف ، إن شاء الله.
قال أبو سعيد : أما قوله : " اعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض" فقد فهم هذا فيما تقدم. وقوله : " والأفعال أثقل من الأسماء ؛ لأن الأسماء هي الأولى" وقد مر الدليل على أن الأفعال أثقل من الأسماء ، ومعنى قوله أن الأسماء هي الأولى ، أنها مقدمة في الرتبة على الأفعال ؛ لأنها أصل الأفعال.
وقوله : " وهي أشد تمكنا" يعني الأسماء أشد تمكنا من الأفعال لخفتها وما خف كان أشد احتمالا لزوائد.
قال أبو سعيد : قوله : " فمن ثم لم يلحقها تنوين ولحقها الجزم والسكون" يعني فمن ثم لم يلحق الأفعال.
فقوله : " هي من الأسماء" يعني الأفعال من الأسماء ، فقولك : " قتل" مشتق من" القتل".
وقوله : " ألا ترى أن الفعل لا بد له من الاسم وإلا لم يكن كلاما" يعني أنك متى ذكرت فعل ولم تذكر فاعله لم يكن كلاما.
وقوله : " والاسم قد يستغني عن الفعل ، تقول : الله إلهنا" و" عبد الله أخونا" وهذا بين.
قال سيبويه : " واعلم أن ما ضارع الفعل المضارع من الأسماء في الكلام ، ووافقه في البناء ، أجري لفظه مجرى ما يستثقلون ، ومنعوه ما يكون لما يستخفون ، وذلك نحو" أبيض" و" أسود" و" أحمر" فهذا بناء" أذهب" و" أعلم" فيكون في موضع الجر مفتوحا ، استثقلوه حيث قارب الفعل في الكلام ، ووافقه في البناء".
قال أبو سعيد : " ينبغي أن نقدم العلل المانعة للصرف المحلة الأسماء محل الأفعال ليكون توطئة للجملة التي ذكرها سيبويه في هذا الباب ، ونفسرها تفسيرا شافيا كاشفا لما استبهم منه ، ولا توفيق إلا بالله.