أمية بن أبي الصلت :
سبحانه ثم سبحانا يعود له |
|
وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد (١) |
الجودي والجمد : جبلان. و" سبحانا" فيه وجهان ؛ أحدهما : أن يكون نوّن للضرورة ، كما يصرف ما لا ينصرف في الشعر ، والآخر أن يكون نكرة ، فاعرفه إن شاء الله.
وأما" إبّان ذلك" و" إفّان ذلك" والمعنى فيهما متقارب ، فهما معربان مضافان إلى ما بعدهما ؛ كقولك : " جئت على إفان ذلك" و" جئت في إبّانه" أي في وقته فإذا لم يدخل الجار نصبت على الظرف فقلت : " جئت إبان ذلك".
ومن ذلك : " هلمّ" ، تقول : " هلمّ ذاك" و" هلم إلى ذاك" والمعنى الدعاء إليه. وهو" ها" ضمّ إليها : " لمّ".
وفيها لغتان : فأما أهل الحجاز فيقولون للواحد والاثنين والجماعة من المذكر والمؤنث بلفظ واحد ، كقولهم : " هلمّ يا رجل" و" هلّم يا رجلان" و" هلّم يا رجال" و" هلم يا امرأة" و" هلم يا نسوة". قال الله تعالى : (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا)(٢) والمخاطبون بهذا جماعة ، وإنما جعلوا اللفظ واحدا في كل حال ؛ لأنهم بنوه معه ، فخالفوا مجراه في لغتهم ؛ لأنهم يقولون للواحد : " المم" ، فلما غيّروا قياسه وبنوه مع غيره ، ألزموه طريقة واحدة في أحواله كلها.
وأما بنو تميم فيثنون ويجمعون ويؤنثون ؛ كقولهم : " هلّم يا رجل" و" هلمّا يا رجلان" و" هلمّوا يا رجال" و" هلمّي يا امرأة".
واختلف عنهم في فعل جماعة النساء. فذكر البصريون وبعض الكوفيين : " هلممن يا نسوة" بفتح الهاء وتسكين اللام ، وضمة الميم الأولى ، وتسكين الثانية وفتحة النون بلا تشديد ؛ وإنما جعل كذلك لأن هذه النون لا بد لها من تسكين ما قبلها ؛ كقولك : " قعدن" و" قمن" للنساء ، فلما كانت هذه النون التي هي ضمير جماعة النساء ، توجب تسكين ما قبلها بطل الإدغام ؛ لسكون الحرف الذي يلي النون ، وصار عندهم بمنزلة : " أرددن".
__________________
(١) البيت في ديوانه ص ٦٠ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٧ ، وشرح ابن يعيش ١ / ٣٧.
(٢) سورة الأحزاب ، آية : ١٨