أمّا معنى المُرسَل فهو أن يكون في طريق الخبر راوٍ مُلْتَبِس العين ، إمّا بأن لا يُذْكَر ، أو أن يُذْكَر على نحو الإِبهام (٧٣) .
وعرّفه أبو العبّاس القُرطبي ، مِن أئمة المالكية قائلاً : « المرسَل عند الْأُصوليّين والفقهاء عبارة عن الخبر الذي يكون في سنده انقطاع ، بأنْ يُحَدِّث واحد منهم عمّن لم يلقه ، ولا أخذ عنه » (٧٤) .
ورواية السكّري ، حتّى لو فرضنا أنّها رواية الكلبي وابن حبيب ، هي من المراسيل ، وليست من المسند الذي هو عند أهل الحديث ما اتّصل إسناده من راويه إلى منتهاه (٧٥) .
والمعروف أنّ الكلبي وابن حبيب والسكّري وغيرهم ممّن سيأتي ذكرهم قد عاشوا ونبغوا في القرن الثالث للهجرة وما بعده ، فمَن الذي حدَّثهم بولادة حكيم في الكعبة ، مع أنّها كانت قبل الإِسلام بستّين سنة ، كما أرّخ ذلك بعض المؤرّخين ؟ ! (٧٦) .
ومنها : الشذوذ ومخالفة المشهور .
والحديث الشاذّ هو الحديث الذي يتفرَّد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصلٌ متابع لذلك الثقة (٧٧) .
روى الحاكم أبو عبد الله النيسابوري وغيره بإسنادهم إلى يونس بن عبد الأعلى قال : قال لي الشافعي : ليس الشاذّ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره ، هذا ليس بشاذّ ؛ إنّما الشاذّ أن يروي الثقة حديثاً يخالف فيه الناس ، هذا الشاذّ من الحديث (٧٨) .
__________________(٧٣) جامع التحصيل في أحكام المراسيل : ٢٦ .
(٧٤) المصدر نفسه .
(٧٥) مقدّمة ابن الصلاح : ١١٩ .
(٧٦) تاريخ البخاري الكبير ٣ : ١١ رقم ٤٢ .
(٧٧) معرفة علوم الحديث : ١١٩ .
(٧٨) المصدر السابق ، ومقدّمة ابن الصلاح : ١٧٣ .