وَثِقْتُ بفلان أثِقُ ثِقَةً إذا ائتمنته (٦٨) .
وقد بيَّنّا أنَّه لم يكن أميناً في رواية الكتابين ، لخيانته للأمانة العلميّة المتَّبعة في الاحتفاظ بالنصوص على ما هي عليه ونقضه قواعد الرواية ، ففتح بذلك باباً للتلاعب المُعْلَن بالكتب والآثار ، لم يُغْلَق إلى عصرنا هذا .
على أنّا لو سلَّمنا أنه كان ثقة كما تدَّعون ، فروايته هذه مردودة لأكثر من سبب .
منها : الإِرسال ؛
والذي عليه جلّ العلماء وأجلّتهم أنّه ضعيف ، مردود ، لا يحتجّ به .
قال النووي في التقريب : « ثمَّ المرسَل حديث ضعيف عند جماهير المحدِّثين ، وكثير من الفقهاء وأصحاب الْأُصول » (٦٩) .
وقال مسلم في مقدَّمة صحيحه : « والمرسَل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجَّة » (٧٠) .
وقال ابن الصلاح في مقدّمته : « ثمَّ اعلم أنَّ حكم المرسَل حكم الحديث الضعيف ، إلّا أن يصحّ مخرجه بمجيئه من وجه آخر » (٧١) .
وقال النووي : « ودليلنا في ردِّ العمل به أنّه إذا كانت رواية المجهول المسمّى لا تُقْبَل لجهالة حاله ، فرواية المرسل أوْلى ، لأنَّ المرويّ عنه محذوف ، مجهول العين والحال » .
وقال ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل : « سمعتُ أبي وأبا زرعة يقولان : لا يُحْتَجَّ بالمراسيل ، ولا تقوم الحجَّة إلّا بالأسانيد الصحاح المتَّصلة » (٧٢) .
__________________(٦٨) أُنظر الصحاح ٤ : ١٥٦٢ ، لسان العرب ١٠ : ٣٧١ .
(٦٩) التقريب : ٦٦ .
(٧٠) صحيح مسلم ١ : ٣٠ .
(٧١) مقدمة ابن الصلاح : ١٣٦ .
(٧٢) المراسيل : ١٥ .