زاد ابن الصلاح في مقدَّمته : « فخرج من ذلك أنَّ الشاذّ المردود قسمان :
أحدهما : الحديث المنفرد المخالف .
والثاني : الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما وقع جابراً لما يوجبه التفرّد والشذوذ من النكارة والضعف » (٧٩) .
ونحو هذا التقسيم قسَّم ابن الصلاح الحديث المنكر (٨٠) .
وقد أمر أحمد بن حنبل ابنه أن يحذف حديث « يهلك أُمّتي هذا الحيّ من قريش » لمخالفته المشهور .
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : « قال أبي في مرضه الذي مات فيه : اضرب على هذا الحديث ، فإنّه خلاف الأحاديث عن النبي صلّی الله عليه وسلّم » .
تعقَّبه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب « خصائص المسند » قائلاً : « وهذا مع ثقة رجال إسناده ، حين شذَّ لفظه عن الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه » (٨١) .
ونقل ابن الجوزي عن بعضهم أنّه قال : « إذا رأيت الحديث يباين المعقول ، أو يخالف المنقول ، أو يناقض الْأُصول ، فاعلم أنّه موضوع » (٨٢) .
ولا شبهة في أنَّ ما تفرّدت به هذه الآحاد من زعمهم أنَّ ولادة حكيم كانت في الكعبة هو خبر شاذّ ، منكر ، موضوع ، خالفوا فيه المنقول ، وناقضوا الْأُصول ، إذ لم تتوفّر فيهم وفي خبرهم ما يدفع شذوذه ونكارته ووضعه .
وقد مرَّ عليك قول شهاب الدين الآلوسي وغيره من الأعلام أنّ حديث ولادة عليّ عليه السلام في الكعبة « أمرٌ مشهور في الدنيا ، ولم يشتهر وضع غيره ـ كرّم الله وجهه ـ كما اشتهر وضعه ، بل لم تتّفق الكلمة عليه » .
والتأكيد عليه في مصادر الحديث المعتبرة ، وكلمات مَهَرة الفنّ ، وحملة العلم ،
__________________(٧٩) مقدّمة ابن الصلاح : ١٧٩ .
(٨٠) مقدّمة ابن الصلاح : ٨٧٤ .
(٨١) مسند أحمد ٢ : ٣٠١ ، فتح الملك العليّ : ١٢٦ .
(٨٢) فتح الملك العليّ : ١٢٢ .