الرأسمالية فهي تنظر للفقير نظرة احتقار (١) ، لانها تعتقد ان الفقير ، لو كان نابهاً وعلى قدرٍ من الذكاء والادراك الاجتماعي لما تدهورت حالته الاقتصادية الى مستوى استجداء الناس وسؤالهم. فالفقر اذن حالة مرضية يصعب علاجها ، فكما ان المجنون لايجد دواءً لعلاج حالته المرضية فضلاً عن جعله عبقرياً ، كذلك الفقر فهو عاهة يصنعها الانسان لتغطية كسله وتقاعسه عن العمل. ولذلك فان افضل وسيلة لمعالجة الفقر ـ بزعم النظرية الرأسمالية ـ هو كشف الفقراء وفضحهم امام الناس حتى يشعروا بالذل والاهانة. حتى اذا أنّبهم وخز الضمير ، انتقلوا بجهدهم من الطبقة الفقيرة الى الطبقة الوسطى ، عن طريق الرجوع الى الحقل الانتاجي الاجتماعي (٢). ولكن تلك النظرية ، كما ذكرنا سابقا ، تتجاهل ان اغلب الفقراء هم من الاطفال والشيوخ والنساء والقاصرين الذين لا يستطيعون القيام بالعمل ولا يقدرون على الانتاج.
ثالثاً : ان تنوع مصادر الحقوق الشرعية في الاسلام ، يزيد من فرص ذهاب هذه الثروة الى مستحقيها واشباعهم اشباعاً حقيقياً. فالزكاة المختصة بالثروة الحيوانية والزراعية والنقدية ، وخمس الربح وخمس الغنيمة ، واضاحي الحج ، والمستحبات الاخرى تشبع ملايين الفقراء من الخبز واللحم واللبن والتمر ونحوها من المواد الغذائية الضرورية ، وتكسوهم ، عيناً دفعت ام نقداً.
__________________
(١) (باري آدم). بقاء السيطرة : الاذلال والحياة اليومية. نيويورك : السفاير ، ١٩٧٨ م.
(٢) (جو فياجن). اذلال الفقراء : المساعدة الحكومية والعقيدة الامريكية. انجلوود كليفز ، نيوجرسي : برنتس ـ هول ، ١٩٧٥ م.