يحرك فيهم الدافع الذاتي للعمل والانتاج (١). وهذا المنطق مخالف للواقع ، لان اغلب الفقراء ـ كما ذكرنا سابقا ـ هم من الاطفال والنساء والشيوخ والاقليات المستضعفة.
ولو كان مد يد المساعدة عملاً خاطئاً ، باعتباره يشجع الفقراء على التقاعس ، فلماذا اذن تمد المؤسسات الرأسمالية يدها لمساعدة المزارعين للمساهمة في رفع الانتاج الزراعي وخفض اسعار المنتوجات الزراعية؟ ألا تساهم هذه المساعدات في تقاعس بعض المزارعين مثلاً؟ ولماذا تمد المؤسسات الرأسمالية يدها لمساعدة الطلبة عن طريق المنح والقروض؟ ولماذا تمد المؤسسات الرأسمالية يدها لمساعدة رجال الاعمال في ازماتهم الاقتصادية المفاجئة؟ هنا تجيب النظرية الرأسمالية بالقول ان مساعدة هؤلاء العاملين يدفع عجلة النمو والاستثمار الاقتصادي ، بينما لا يجلب مساعدة الفقراء اي مردود اقتصادي. وتزعم بان على الحكومة الرأسمالية ـ نظرياً على الاقل ـ التهديد بقطع المساعدات المالية عن الفقراء لدفعهم الى العمل والانتاج حتى تكون مساعدتهم حقاً مشروعاً. بمعنى ان حث الاطفال والنساء والشيوخ على العمل ـ حسب الفكرة الرأسمالية ـ هو الاسلوب الافضل للتخلص من الفقر والفقراء!
وهكذا ـ كما ترى ـ تفشل النظرية الرأسمالية في تحديد العوامل الاجتماعية التي اوجدت الطبقة الفقيرة في المجتمع الانساني. فالفقر ليس ولادة فرد او خطأ أمة انما هو نتيجة موضوعية لفشل النظام الاقتصادي والاجتماعي في تحديد العوامل المتداخلة في تصميم وتنظيم التركيبة الاجتماعية. ولا شك ان
__________________
(١) (جورج كيلدر). الثروة والفقر. نيويورك : الكتب الاساسية ، ١٩٨١ م.