تطعم منه شيئاً أبداً ، والله لقد تمنّيت أنّي كنت زرته ولم أحج ، فقال لي الامام عليهالسلام ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته ؟ ثم قال يا معاوية لم تدع ذلك ؟ قلت جعلت فداك لم أر أنّ الأمر يبلغ هذا كله ، فقال يا معاوية من يدعو لزوّاره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض (١) .
وفي مقابل هذه النصوص والآثار التي رتّبت على زياة الحسين عليهالسلام وردت روايات تحذّرنا من التقصير في زيارته أو ترك زيارته ومنها ما اعتبر ذلك من عقوق الرسول صلىاللهعليهوآله فقد روى الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال الحلبي قلت له سيّدي ما تقول فيمن ترك زيارة الحسين عليهالسلام وهو يقدر على ذلك ؟ قال عليهالسلام إنّه قد عقّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وعقّنا واستخفّ بأمر هو له ، وكذلك يدلّ على ذلك ما روي عن الباقر عليهالسلام لو أن أحدكم حجّ دهره ثم لم يزر الحسين عليهالسلام لكان تاركاً حقاً من حقوق رسول الله صلىاللهعليهوآله .
ومن هنا نلاحظ الشيعة وعلى مختلف العصور والدهور والظروف التي مرّوا بها لم يكونوا يتركوا زيارة الامام الحسين عليهالسلام حتى في ظروف بعض طواغيت بني العباس كالمتوكل العباسي لعنه الله الذي تسلّم منصب الخلافة عام ( ٢٣٢ هـ ) ، وفي عهده بدأ في تضييق الخناق على الشيعة وقد وصفه ابن الأثير فقال عنه : وكان شديد البغض لعلي بن أبي طالب عليهالسلام ولأهل بيته ، وكان يقصد من يبلغه انه يتولى علياً وأهله ، يأخذ المال والدم (٢) .
وكذلك وصفه ابو الفرج الاصفهاني بقوله : وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب غليظاً على جماعتهم ، مهتماً بأُمورهم ، شديد الغيظ والحقد عليهم
______________________
(١) كامل الزيارات ١ ـ ١١٦ نقلاً عن البحار ٩٨ : ٥١ ـ ٥٢ .
(٢) الكامل في التاريخ ١٧ : ٥٦ .