النهار) وتحولت من الخارج الىٰ الداخل ، ومن زحمة الحياة في النهار الىٰ داخل القلب ، مصدر البصيرة والنور في حياة الانسان ، فيجتمع شتات الابصار ، ويتحول من الخارج الىٰ الداخل ، ويفتح الله علىٰ قلب الانسان حينئذٍ أبواب البصيرة والنور « إذا جنّهم الليل حولت ابصارهم في قلوبهم » ، وعندئذ يرى الانسان نفسه ماثلاً بحضرة الله ، ويرى غضب الله تعالىٰ ورحمته ماثلة امامه ، فإذا خاطب الله خاطبه عن مشاهدة وحضور لا عن بعد وغياب « يخاطبوني عن المشاهدة » ، وإذا كلم الله يكلمه عن حضور ، وليس عن غياب (ويكلموني عن الحضور) وتتمثل عقوبة الله تعالىٰ وعذابه وغضبه بين عينيه (ومثلت عقوبتي بين اعينهم) فيسلبهم انس حضور الحبيب والخلوة به ومخافة العقوبة الماثلة بين اعينهم راحة النوم ، وكيف ينام من يری نفسه في خلوة الليل بحضور حبيبه ، يناجيه ، وبخاطبه ؟ وكيف يغلب عليه النعاس وهو يرى عذاب الله ماثلاً بين عينيه ؟
وهذه الحالة نتيجة طبيعية لتحول الابصار من الخارج الىٰ الداخل وتركزه وتجمعه في الليل بعد تشتته في النهار.
يقول أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطبة المعروفة بخطبة المتقين في وصف هذه الحالة من انقلاب الابصار من الخارج الىٰ القلب : « اما الليل فصافون
اقدامهم تالين لاجزاء القرآن يرتلونها ترتيلاً ، يحزنون به انفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم. فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا اليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم اليها شوقاً
، وظنوا أنها نصب اعينهم ، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا اليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول اذانهم ، فهم حانون علىٰ اوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم وركبهم واطراف اقدامهم ، يطلبون إلیٰ الله
تعالیٰ فكاك