وذلك لان الحاجة تضرّ
بهم أكثر من غيرهم.
وقد ورد في الدعاء « اللّهم
أعطني لفقري » والفقر إلى الله وحده يستنزل رحمة الله تعالىٰ ، وكلما كان الفقر إلىٰ الله اعظم كان أدعىٰ
لنزول رحمة الله.
فإن الفقر إلىٰ
الله يجعل الانسان عند رحمة الله ، ويقرب الانسان منه ، سواء كان الانسان يعي فقره إلی الله ام لا يعي ، وإن كان وعي الفقر إلى الله
يضاعف من قيمته وقدرته في استنزال رحمة الله تعالىٰ ، كما ذكرنا.
ولكن بشرط إلّا يحرّف
الانسان الفقر عن موضعه ، فيتصوّر أنّه من الفقر إلى المال أو إلى حطام الدنيا ، أو إلىٰ بعض عباد الله بدل أن يعيه علىٰ
واقعه من الفقر إلىٰ الله.
وشتّان بين هذا الفقر
وذاك الفقر. والّذي يستنزل رحمة الله تعالىٰ هو الفقر إلىٰ الله ، فإذا حرف الانسان هذا الفقر من الفقر إلىٰ الله إلىٰ
الفقر إلىٰ عباد الله ، فقد الفقر قيمته في استنزال رحمة الله تعالىٰ ، واكثر فقر الناس من هذا النوع.
وفي هذا المشهد كان
صراخ الطفل وضجيجه وبكاؤه من شدة العطش مشهداً نافذاً مؤثراً في استنزال رحمة الله تعالىٰ.
وليس في مشاهد الحاجة
والفاقة إلى الله مشهد مؤثر ورقيق يستنزل رحمة الله تعالىٰ ، اكثر من مشهد طفل يتلظىٰ من العطش ، ولا تجد له اُمّه
إلىٰ الماء سبيلاً.
والمنزل الثاني لرحمة
الله في هذا المشهد هو (السعي) ، وهو شرط للرزق ، ولا رزق من دون سعي ، وقد جعل الله تعالىٰ السعي والحركة في حياة الانسان مفتاحاً للرزق.
وإذا كان عامل الفقر
يتطلب من الانسان حالة الاضطرار والفاقة والحاجة ، فإنّ عامل السعي يتطلب من الانسان العزم والقوّة والارادة ، والحركة والنشاط ، وعلىٰ قدر حركة الانسان وسعيه وعزمه يرزقه الله تعالىٰ من
رحمته.