قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الدعاء عند أهل البيت عليهم السلام

الدعاء عند أهل البيت عليهم السلام

207/280
*

حاجته إلىٰ إنقاذ ابنه من الطوفان ( وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) (١) ، وهو طلب في غاية الادب من هذا العبد الصالح ، فلم يطلب من الله تعالىٰ إنقاذ ابنه ، وإنّما عرض حاجته إلىٰ انقاذ ابنه من الغرق فقط.

ومهما يكن من أمر فإنّ « الحاجة » و « الفقر » من مواطن نزول رحمة الله تعالىٰ. وحتىٰ الحيوانات والنباتات تستنزل رحمة الله تعالىٰ بحاجتها وفقرها.

فإذا عطشت سقاها الله تعالىٰ ورواها ، وإذا جاعت أشبعها الله تعالىٰ وأطعمها. وهذا باب واسع من المعرفة ؛ وقد سبق أن بيّنتُ طرفاً من ذلك في كتاب « شرح الصدر » من « رحاب القرآن » وعسىٰ أن يقيّض الله تعالىٰ من يشرح ذلك.

وفي تاريخ الانبياء نلتقي بثلاثة مشاهد لاستجابة الله تعالىٰ في وقت واحد : أحدهما استجابة للحاجة والفقر « غير الواعي » ، والآخر استجابة للدعاء والسؤال « الفقر الواعي » ، والثالث استجابة للسعي والحركة والعمل ، وهو الموطن الثالث من مواطن الاستجابة. وذلك في قصة اسماعيل عليه‌السلام واُمه هاجر عندما ذهب ابراهيم عليه‌السلام بهما ، واسماعيل يومئذ طفل يرضع ، إلىٰ وادٍ غير ذي زرع استجابة لأوامر الله تعالىٰ ، وقال : ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ) (٢).

فلما نفد ما ترك لهما إبراهيم عليه‌السلام من الماء غلب العطش علىٰ الطفل الرضيع « اسماعيل » فأخذ يصرخ ويضرب بيديه ورجليه ، وكانت اُمّه « هاجر » تسعىٰ بحثاً عن الماء بين « الصفا » و « المروة » وتصعد هذا الجبل حيناً تطلُّ منه علىٰ الصحراء باحثةً عن الماء ، وتصعد الآخر حيناً ، وهذا هو (السعي) الموطن الآخر

__________________

(١) هود : ٤٥.

(٢) إبراهيم : ٣٧.

left