مُنَتَه (١) ، وأورثَتْ وَهْناً وذِلّةً. لمّا كُنتُمً الأعلَيْنَ ، وخافَ عدوُّكمُ الاجتياحَ ، واستَحَر بهمُ القتلُ ، ووجدوا ألمَ الجراحِ ، رَفعوا المصَاحِفَ ودَعَوْكم إِلى ما فيها لِيَفثؤوكم (٢) ، عنهم ، ويَقطَعوا الحربَ فيما بينَكم وبينَهم ، ويتربّصُ بكم رَبْبَ المنونِ خَديعةً ومَكيدةً. فما أنتم إِنْ جامعتُموهم على ما أحبُّوا ، وأعطيتُموهمُ الّذي سَألوا إلاّ مَغرورونَ. وايمُ اللهِ ، ما أظًنكم بعدها مُوافِقي رُشْدٍ ، ولامُصِيبي حَزْمٍ » (٣).
فصل
ومن كلامهِ عليهالسلام بعدَ كَتْب
الصّحيفةِ بالموادعة والتّحكيم ، وقَدِ
اختلفَ عَليهِ أهَلُ العراقِ في ذلكَ
« واللهِ ، ما رَضِيْتُ ولا أحببْتُ أن ترْضَوْا ، فإِذْ أبيَتْم إِلاّ أن تَرْضَوْا فقد رَضِيْتُ ، واذا رَضِيْتُ فلا يَصلُحُ الرُّجوعُ بعدَ الرِّضا ، ولا التبّديلُ بعدَ الإقرارِ ، إِلاّ أن يُعصى الله بنقضِ العهدِ ، ويُتَعدّى كتابُه بحلّ العقدِ ، فقاتِلوا حينئذٍ من ترك أمر الله. وامّا الذي ذكرتُم عنِ الأشترِ من تركهِ أمري بخطِّ يدِه في الكتاب وخلافِه ما أنا عليه ، فليسَ من أُولئكَ ، ولا أخافُه على ذلكَ ، ولئتَ فيكَمِ مثلَه اثنينِ ، بل ليتَ فيكم مثلَه واحداً يَرى في عدوِّكم ما يرى ، إِذاَ لخفّت عليَّ مؤونتُكم ،
ــــــــــــــــــ
(١) المُنّة : القوة « الصحاح ـ منن ـ ٦ : ٢٢٠٧ ».
(٢) فثأه عنه : كسره وسكّن غضبه. « الصحاح ـ فثأ ـ ا : ٦٢ ».
(٣) الكامل في التاريخ ٣ : ٣٢٢ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٨ : ٥٩٢ ( ط / ح ).