ورَجوتُ أن يَستقيمَ لي بعضُ أوَدِكم ، وقد نهيتُكم عمّا أتيتم فعصيتمُوني ، فكنتُ ـ أنا وأنتم ـ كما قالَ أخو هَوازِنَ :
وَهَلْ أنَا إِلّا مِنْ غَزِيًةَ إِنْ
غَوَت |
|
غَوَيْتُ وانْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ
أرْشُدِ » (١) |
فصل
ومن كلامهِ عليهالسلام للخوارجِ
حينَ رجعَ إِلى الكُوفةِ ، وهو بظاهرِها قبلَ دخولِه إِيّاها ،
بعدَ حمدِ اللّهِ والثناءِ عليهِ : « اللّهمَّ هذا مَقامٌ من فَلَجَ فيه كانَ أَولى بالفلْجِ يومَ القيامةِ ، ومن نَطِفَ (٢) فيه أو غلّ فهو في الآخرِة أعمى وأَضلُّ سبيلاً. نَشَدْتُكم بالله أتعلمونَ أَنّهم حينَ رَفَعوا المَصاحِفَ فقلتم نُجيبهُم إلى كتاب الله ، قُلت لكم : إِنّي أعلمُ بالقوم منكم ، إِنّهم لَيسوا بأصحاب دِين ولا قُرآنٍ ، إِنّي صَحِبْتُهم وعَرَفْتُهم أطَفالاً ورِجالاً فكانوا شًرَّ أَطفالٍ وشرَّ رِجالٍ ، امضوا على حقَكم وصدقِكم. إِنّما رَفَعَ القومُ لكم هذهِ المصَاحِفَ خديعةً ووَهْناً ومَكيدةً ، فرَدَدْتم عَليَّ رأيي ، وقُلتم : لا ، بل نَقبلُ منهم ، فقلتُ لكم : اذكُروا قولي لكم ومعصيتَكم إِيّايَ ، فلمّا أبَيْتُم إلاّ الكِتابَ ، اشترطتُ على الحَكَمينِ أن يُحييا ما أحياهُ القُرآنُ وأن يُميتا ما أماتَ القُرآنُ ، فإِن حَكَما بحكمِ القُرآنِ فليسَ لنا أن نُخالفَ
ــــــــــــــــــ
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٩ والكامل لابن الاثير ٣ : ٣٢٢ ، وفيهما : عدوي بدل عدوكم ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٨ : ٥٩٣ ( ط / ح ) ، وأخو هوازن هو دريد بن الصمة. والبيت في ديوانه : ٤٧ / ١٨.
(٢) نَطِف : تلطخ بالعيب واتهم بالريبة. « الصحاح ـ نطف ـ ٤ : ١٤٣٤ ».