قالَ أبو العالِية : فما أتتْ علينا جُمعةٌ حتّى أُخِذَ مُزَرّعٌ فقُتِلَ وصُلِبَ بينَ الشُّرفتينِ ؛ قالَ : وقد كانَ حدّثَني بثالثة فنَسِيْتُها.
فصل
ومن ذلكَ ما رواه جَرِيْرٌ عنِ المُغِيرة قالَ : لمّا وُلِّيَ الحَجّاجُ طلبَ كُمَيْلَ بنَ زياد فهربَ منه ، فحرمَ قومه عطاءهم ، فلمّا رأى كُمَيْل ذلكَ قالَ : أنا شيخٌ كبيرٌ قد نَفِدَ عُمري ، لا ينبغي أن أحرِمَ قومي عطيّاتِهم ، فخرجَ فدفعَ بيدِه إِلى الحَجّاجِ ، فلمّا رآه قالَ له : لقد كنتُ أُحِبُّ أن أجِدَ عليكَ سبيلاً ، فقالَ له كُمَيْل : لا تَصْرِفْ (١) عليَّ أنيابكَ ولا تَهَدَّمْ عليّ (٢) فواللهِ ما بقيَ من عُمري إِلاّ مثلُ كَواسِلِ (٣) الغُبارِ ، فاقض ما انتَ قاضٍ فإِنّ الموعدَ الله وبعدَ القتلِ الحساب ، ولقد خَبّرَني أَميرُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ عليهالسلام أنّكَ قاتِلي ؛ قالَ : فقالَ له الحجّاجُ : الحجّةُ عليكَ إذنْ ، فقالَ كُمَيْل : ذاكَ إن كانَ القَضاءُ إليكَ ، قالَ : بلى قد كنتَ فيمنْ قتلَ عُثْمانَ بنَ عَفّان ، اضرِبوا عُنقَه ، فضُربَتْ عُنقه (٤).
ــــــــــــــــــ
(١) الصريف : صوت الأَنياب ، وهو كناية عن التهديد « لسان العرب ـ صرف ـ ٩ : ١٩١ ».
(٢) في هامش « ش » و « م » : تهدم عليه : اذا اشتد غضبه عليه ، انظر « الصحاح ـ هدم ـ ٥ : ٢٠٥٦ ».
(٣) في هامش « ض » و « م » : كأنها بقايا الغبار التي كسلت عن أوائله.
(٤) الاصابة ٣ : ٣١٨ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٢ : ١٤٨ / ١٢.