تَدعَقَ آلخيُولُ (١) في نَواحي أرضهم وبأعنانِ مَساربهم ومَسارحِهم ، وحتّى تُشَنَّ الغاراتُ في كلِّ فَجّ وتَخفقَ عليهمُ الرّايات ، ويَلقاهُم قومٌ صُدْقٌ صُبَّرٌ لا يَزيدهم هَلاكُ منْ هَلَكَ مِن قَتلاهم ومَوتاهُم في سبيلِ اللهِ إِلاّ جدّاً فى طاعةِ اللّهِ ، وحِرصاً على لقاءِ اللّهِ.
واللهِ ، لقد كُنّا معَ النّبيِّ صلىاللهعليهوآله يُقْتَلُ آباؤنا وأبناؤنا وِاخوانُنا وأعمامُنا ، ما يَزيدُنا ذلكَ إلاّ إِيماناً وتسليماً ، ومُضِيّاً على مَضِّ الألمِ ، وجُرأةً على جهادِ العدوِّ ، واستقلالاً بمُبارزةِ الأقرانِ. ولقد كانَ الرّجلُ منّا والاخرُ من عدوِّتا يَتصاولانِ تَصاوُلَ الفَحلَينِ ، ويَتخالَسانِ أَنفسَهما أيُّهما يَسقي صاحبَه كأسَ المنيِّةِ ، فمرّةً لنا من عدوِّنا ، ومرّةً لعدوِّنا منّا ، فلمّا رآنا الله تعالى صُبُراً صُدقاً ، أنزلَ بعدوِّنا الكَبْتَ ، وأنزلَ علينا النّصر ، ولَعمري لو كُنّا نأتي مثلَ ما أتيتم ما قامَ الدِّينُ ولا عَزَّ الإسلامُ ، وايمُ اللهِ لَتَحتَلِبُنَّها دماً عَبيطاً ، فاحفَظوا ما اقولُ » (٢).
فصل
ومن كلامهِ عليهالسلام حينَ رجعَ
أصحابهُ عِنَ القتالِ بصِفِّينَ ، لمّا اغترَّهم
مُعاويةُ برفعِ المَصاحِفِ فانصرًفوا عَنِ الحربِ
« لقد فَعَلتُم فعلةً ضعْضَعَتْ مِنَ الإسلامِ قُواهُ ، وأسقطَتْ
ــــــــــــــــــ
المعركة بعد الكتائب الاولى.
(١) تدعق الخيل : اي تكثر الغارات. انظر « الصحاح ـ دعق ـ ٤ : ١٤٧٤ ».
(٢) وقعة صفين : ٥٢٠ ، شرح النهج الحديدي ٢ : ٢٣٩ ، وأورد سليم بن قيس في كتابه : ١٤٧ باختلاف وفي ألفاظه ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٨ : ٥٠٦ ( ط / ح ).