وأما قوله في هذه السورة : (قال أصحاب موسى إنا لمدركون ، قال كلا) (٥٦) فهو نفي لما قبله ، وإثبات لما بعده.
وأما قوله في سورة سبأ : (قل : أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا) (٥٧) فلها ثلاثة مواضع :
أحدها أن تكون ردا على قوله : (أروني) ، أي أنهم : لا يرون ذلك وكيف يرون شيئا لا يكون؟!
والموضع الثاني : قوله : (ألحقتم به شركاء) فهو رد له ، أي : لا شريك له.
والثالث : أنها تحقيق لقوله : (بل هو الله العزيز الحكيم).
وقال بعض أهل التأويل : إنما رد على قوله : (ألحقتم به شركاء) دون أن يكون ردا على قوله (أروني). وذلك أن النبي صلىاللهعليهوآله ، لما أمر بأن يقول لهم : (أروني) قال لهم ذلك. فكأنهم قالوا : هذه هي الأصنام التي تضرنا وتنفعنا فأروه إياها فرد عليهم ذلك بقوله : بل هو ، أي : أن الذي يضركم وينفعكم ويرزقكم ويمنعكم هو الله. ومعنى قوله : (أروني) هاهنا : أعلموني.
وأما قوله ـ عزوجل ـ في سورة سأل سائل : لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه ، وصاحبته وأخيه ، وفصيلته التي تؤويه ، ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه ، كلا) (٥٨) فرد لقولهم (ثم ينجيه) أو رد لقوله (لو يفتدي).
وقال في هذه السورة : (أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم؟ كلا إنا خلقناهم مما يعلمون) (٥٩) من نطفة ، كما خلقنا بني آدم كلهم ، ومن حكمنا في بني آدم أن لا يدخل أحد منهم الجنة إلا بالإيمان والعمل الصالح فلا (٦٠) يطمع كل امرئ منهم ليس بمؤمن ولا صالح أن يدخل الجنة ولا يدخلها ، إلا مؤمن صالح العمل.
وأما قوله في سورة المدثر : (ثم يطمع أن أزيد؟ كلا) فهو رد (أن
__________________
(٥٦) الشعراء : ٦١.
(٥٧) سبأ : ٢٦.
(٥٨) المعارج : ١١ ـ ١٥.
(٥٩) المعارج : ٣٨ ـ ٣٩.
(٦٠) في المطبوع : فلم. والصواب ما أثبتناه.
(٦١) المدثر : ١٥ ـ ١٦.