الأخبار المدونة في (الكتب الأربعة) وغيرها من (الأصول) معتقدين بصحتها أجمع. وهذا مما دعا إلى الخلاف بين الأخباريين والمجتهدين) (٨٢).
وتقدم عن المحدث النوري تعبيره عن هذا التنويع ب (النمط الجديد) فهذان المحدثان وغيرهما يزعمان أن هذا التنويع يختص بالمتأخرين المجتهدين وأن قدماء الأصحاب كانوا يعتقدون بصحة أحاديث (الأصول الأربعمائة) التي منها ألفت (الكتب الأربعة).
ولكن الظاهر أن هذه الدعوى لا أساس لها من الصحة ، فقد أجاب عنها شيخنا الجد ـ رحمهالله تعالى ـ بقوله : (وقد زعم القاصرون من الأخباريين اختصاص هذا الاصطلاح بالمتأخرين الذين أولهم (العلامة) رحمهالله علي ما حكاه جمع منهم الشيخ البهائي رحمهالله في (مشرق الشمسين) أو (ابن طاووس) كما حكاه بعضهم ، فأطالوا التشنيع عليهم بأنه اجتهاد منهم وبدعة.
ولكن الخبير المتدبر يرى أن ذلك جهل منهم وعناد ، لوجود أصل الاصطلاح عند القدماء ألا ترى إلى قولهم : لفلان كتاب صحيح ، وقولهم : أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن فلان ، وقول الصدوق رحمهالله : كلما صححه شيخي فهو عندي صحيح ، وقولهم : فلان ضعيف الحديث ، ونحو ذلك.
فالصادر من المتأخرين تغيير الاصطلاح إلى ما هو أضبط وأنفع تسهيلا للضبط وتمييزا لما هو المعتبر منها عن غيره) (٨٣).
وأما قول المحدث البحراني : (فأما المتقدمون ...) ففيه : إن الأمر ليس كذلك ، بل ربما طعن الشيخ المفيد والشيخ الصدوق في بعض أحاديث الشيخ الكليني ، وطعن الشيخ الطوسي في بعض أحاديث الصدوق والكليني (٨٤).
__________________
(٨٢) تلخيص مقدمات الحدائق للمؤلف.
(٨٣) مقباس الهداية في علم الدراية.
(٨٤) راجع : مفاتيح الأصول ، وأوثق الوسائل ، وقد بحث صاحب هذا الكتاب الموضع من جميع جوانبه من ص ١٢٢ إلى ص ١٣٦ فراجعه فإنه جدير بالملاحظة.
هذا
وذهب السيد الخوئي في (رجاله) إلى أن أخبار الكتب الأربعة ليس قطعية الصدور ، بل
ليس كلها
صحيحا ، وأثبت أن المتقدمين ، من المحدثين أيضا كانوا يعتقدون نفس هذا الاعتقاد
بالنسبة إلى (الأصول)
و (الكتب الأربعة) ، واستنتج من جميع ذلك : أن أخبار هذا الكتاب لا بد من النظر في
سند كل منها ، فإن