فقال : أما الغلو فلا ، ولكن كان مخلطا (٢٩١).
فانظر ، كيف نفى ابن فضال الغلو مع إثباته التخليط ، وهو دليل واضح على عدم ارتباط التخليط بالعقائد.
وقال ابن الوليد في محمد بن جعفر بن بطة : كان ضعيفا مخلطا فيما يسنده (٢٩٢) فقد قيد التخليط بالإسناد ، ويوضحه قول النجاشي الذي أورد هذا الكلام ، فإنه قال : كثير الأدب والفضل والعلم ، يتساهل في الحديث ، ويعلق الأسانيد بالإجازات وفي فهرست ما رواه غلط كثير (٢٩٣).
ومما يدل على أن التخليط غير الغلو قولهم في ترجمة محمد بن علي الصيرفي : إلا ما كان فيها من تخليط أو غلو أو تدليس أو يتفرد به ولا يعرف من غير طريقه (٢٩٤).
فإن العطف ـ وخاصة بأو ـ يقتضي التغاير بين المعطوفات ، كما لا يخفى والظاهر أن (التخليط) هو السبب في جعل الرواية (معللة) ساقطة عن الاعتبار.
والغرض منها في كتاب (الرجال) هو التنبيه على الخلل الحاصل بذلك في الإسناد ، دون المتن ، وبهذا يتبين ارتباط البحث بالفهارس والإجازات ، وهو محط بحث أصحاب الطبقات.
ومن هنا نعرف ما في كلام ابن نوح بعد ما نقل عن ابن بابويه أنه تبع ابن الوليد على استثنائه لتلك الموارد فقال : إلا في محمد بن عيسى بن عبيد ، فلا أدري ما رأيه فيه ، لأنه كان على ظاهر العدالة والثقة (٢٩٥).
أقول : كأن الشيخ ابن نوح لم يدقق في وجه استثناء ابن الوليد ، وتوهم أن الوجه فيه هو ضعف الرواة المذكورين ، كما يحتمله ظاهر العبارة المنقولة عن الصدوق ، وتبين بما قلنا أن المراد ليس ذلك قطعا ، بل الأمر يرتبط بالخلل في أسانيد ، تلك الروايات من جهة كونها معللة بما ذكرنا ، فلا نعيد.
والغريب أن ابن عبيد قد صرح في استثنائه بأنه من أجل (انقطاع السند)
__________________
(٢٩١) رجال الكشي ـ اختيار معرفة الرجال ـ (ص ١٧٣) رقم (٢٩٦).
(٢٩٢) رجال النجاشي (ص ٣٧٣) رقم (١٠٩١).
(٢٩٣) نفس المصدر والموضع.
(٢٩٤) الفهرست للطوسي (ص ١٧٢) رقم (٦٢٥).
(٢٩٥) رجال النجاشي (ص ٣٤٨) رقم (٩٣٩).