وبعض المستشرقين أيضاً على اختصار كل لفظ يكثر دورانه ويعاد ذكره ، وكذا الحال في اختصار أسماء المصادر التي يرجع إليها في الحواشي والهوامش.
وقد كره قوم آخرون الرموز لا للزوم اللبس والتشويش فيها ، بل من جهة قلّة الأجر عليها لنقص في الكتابة ، نظير ما قاله العراقي في ألفيّته ، وتبعه السخاوي في شرحها : ٢ / ١٥٧ ، من قول الأخير : « .. قال شيخنا : والذي يظهر أنه بعد أن شاع وعرف إنّما هو من جهة نقص الأجر لنقص الكتابة وإلّا فلا خرق في معرفة الإصطلاح بين الرمز وغيره » ، وقول المصنّف : « وهو ـ أي الإتيان به بكماله ـ أولى وأدفع للإلتباس» ، قد يوجّه بكون اصطلاحه في الرمز قد تسقط به الورقة أو المجلّد فيتحيّر الواقف عليه من مبتدیء ونحوه.
ولا يخفى ما في كلامه ، واستحساناته.
ثم ان جلّ المتأخّرين من العلماء أعرضوا عن هذه الرموز غالباً ، ولم يحبذوها دائماً ، بل نهى جمع غفير منهم عنها ، وذلك لما يقع فيها من لبس وتشويش للقاریء والناسخ كما مرّ ، ونعم ما فعلوا.
ولقد أجاد الشيخ المامقاني ـ قدّس سرّه ـ في فوائده الرجاليه : ١٩١ ، المطبوع في أول المجلد الأول من تنقيح المقال حيث قال : « إنّ الإنصاف أن هذا الذي تداولوه في كتب الرجال والأخبار من التعبير بالرموز مرجوع غايته لوجهين :
أحدهما : إنّ من لم يكن
ممارساً لها غاية الممارسة على وجه لا يفترق الحال عند مبين الرمز والمرموز عنه إذا أراد مراجعة حال راوٍ في كتب الرجال تعسّر عليه الأمر
لاستلزامه مراجعة أول الكتاب في كل رمز رمز حتى يستفيد المطلب ، وذلك مشوش لفكره ، ولا كذلك لو كتب المرموز عنه من غير رمز ، فإنّه يستفيد المطلب من نفس العبارة ، وكذا الحال إذا أراد مراجعة رواية في البحار أو نقلها فإنّه يحتاج إلى
مراجعة الرموز حتى يطلع على ان المرموز عنه أي كتاب هو ، بخلاف ما لو كتب اسم الكتاب من غير رمز ، وكذا الحال في اصطلاحات الوافي فإنّه كلّما رأى المطالع في أول السند
كلمة الإثنين أو الثلاثة أو الأربعة .. وهكذا يلزمه مراجعة المقدمة الثالثة من أول
الكتاب أو الفهرست الذي صنعه ولد صاحب الوافي حتى يفهم المراد بالكلمة ، وذلك يؤدّي إلى تشويش الفكر وتعسر الأمر ، ولا مصلحة في الرمز إلّا الإختصار ، ومصلحته