للتمييز بين دوالّ المعنى النسبي ودوالّ المعنى الأصلي ، تشبه ـ إلى حدّ بعيد ـ ما بحثه اللغويون المحدثون من ( دوالّ النسبة ودوالّ الماهيّة ) (١٩) ومن مقارنة ذلك بالاُسس التي تعرّض لها النحاة في تقسيم الكلمة وجدت أنّ أفضل أنواع التقسيم أن تكون الأقسام خمسة : الإسم ، والفعل ، والصفة ، والحرف ، والكناية. وأنّ الاُسس التي يقوم عليها هذا التقسيم هي أربعة اُسس متقابلة :
١ ـ ( الدلالة ) فاللفظ إمّا أن يدلّ على معنى مستقلّ بالإدراك ... أو غير مستقلّ.
٢ ـ ( الوظيفة ) والمقصود بها المعنى النحوي الذي تؤدّيه الكلمة ضمن الجملة ، فهي إمّا أن تكون عنصراً رابطاً ـ أي دالّة نسبة ـ أو عنصراً مرتبطاً ـ أي دالّة ماهية ـ.
٣ ـ ( الصيغة ) والمقصود بها الصيغ الإشتقاقية المندمجة بمادّة الكلمة فهي إمّا أن تدلّ على معنى بسيط مستقلّ بالإدراك ، أو على معنى مركّب من المستقلّ وغير المستقلّ.
٤ ـ ( التركيب ) والمراد به أنّ المعنى المركّب من معنى المادّة ومعنى الصيغة إمّا أن يكون تركيبه تحليلياً أو إسنادياً.
وعلى ضوء هذه الاُسس مجتمعة تتصنّف الكلمات ، ولإيضاح ما قد يبدو غامضاً منها نستعرض ذلك فيما يأتي :
إنّ الاُسس التي يقوم عليها التقسيم ينبغي أن ترتبط بدلالة الكلمة على كل من المعنى المعجمي والمعنى النحوي ، ذلك لأنّ النحو إذا كان هو ( نظام تأليف الجملة ) فإنّ مفردات الجمل تتحمّل معاني المعجم الأصلية بالإضافة إلى معاني النحو الناشئة من التأليف والربط بينها التي سمّيناها بالمعاني ( الوظيفية ). وإذا أردنا أن نميّز ـ نحوياً ـ بين مفردات الجملة من ناحية ( الدلالة ) فلا بدّ من مراعاة معناها الأصلي مرتبطاً بوظيفتها النحوية.
ولإيضاح ذلك نأخذ جملة مثل : ( نجح طلّابنا الّذين امتحنوا إلّا خالداً ) لنقوم بتحليل دلالة مفرداتها ، وعلى ضوء هذا التحليل نضع اُسس تصنيفها. ونلاحظ أنّ ما نسمّيه ( كلمة ) من هذه المفردات ثمانية هي : ( نجح ، طلاب ، نا ، الّذين ، امتحن ، واو ( الجماعة ) ، إلّا ، خالد ) وبعض هذه الكلمات تتحمّل معنى لغوياً بالإضافة إلى وظيفة
____________________________
(١٩) اُنظر اللغة لفندريس ترجمة الدواخلي والقصّاص : ١٠٥ ـ ١١٢.