بها وسها عنها قساوة قلب وخبث نيّة وسوء رأي ، واشتدَّت عداوته لمن خالفه من أهل الدِّين والاستخفاء بالحقِّ والمغيبّين لاشخاصهم انتظاراً للفرج من ظلمه وعداوته هل يطمع له أن طال عمره في النزوع عمّا هو عليه؟ والخروج منه إلى ما الفضل فيه بيّن والحجّة فيه واضحة؟ والحظّ جزيل من لزوم ما أبصر من الدِّين فيأتي ما يرجى له [ به ] مغفرة لمّا قد سلف من ذنوبه وحسن الثواب في مآبه. قال الحكيم : قد عرفت هذه الصّفة ، وما دعاك إلى هذه المسألة.
قال ابن الملك : ما ذاك منك بمستنكر لفضل ما أوتيت من الفهم وخصصت به من العلم.
قال الحكيم : أمّا صاحب هذه الصّفة فالملك والّذي دعاك إليه العناية بما سألت عنه ، والاهتمام به من أمره ، والشفقة عليه من عذاب ما أوعد الله عزَّ وجلَّ من كان على مثل رأيه وطبعه وهواه ، مع ما نويت من ثواب الله تعالى ذكره في أداء حقّ ما أوجب الله عليك له ، وأحسبك تريد بلوغ غاية العذر في التلطّف لانقاذه وإخراجه عن عظيم الهول ودائم البلاء الّذي لا انقطاع له من عذاب الله إلى السّلامة وراحة الابد في ملكوت السّماء.
قال ابن الملك : لم تجرم (١) حرفاً عمّا أردت فأعلمني رأيك فيما عنيت من أمر الملك وحاله الّتي أتخوّف أن يدركه الموت عليها فتصيبه الحسرة والنّدامة حين لا أغني عنه شيئاً فاجعلني منه على يقين وفرج عمّا أنا به مغموم شديد الاهتمام به فإنّي قليل الحيلة فيه.
قال الحكيم : أمّا رأينا فإنّا لا نبعد مخلوقاً من رحمة الله خالقه عزَّ وجلَّ ولا نأيس له منها ما دام فيه الرُّوح ، وإن كان عاتياً طاغياً ضالاً لمّا قد وصف ربّنا تبارك وتعالى به نفسه من التحنّن والرَّأفة والرَّحمة ودلَّ عليه من الايمان وما أمر به من
__________________
(١) هذه اللفظة يمكن أن يكون بالجيم والراء أي لم تخطأ ، أو بالحاء المهملة على صيغة المفعول أي لم تمنع من فهمه. أو بالخاء المعجمة أي لم تترك ، أو بالراي أي لم تشك.