له (١) : أقول لهم : هذا جعفر.
فياعجبا أيخصم النّاس بمن ليس هو بمخصوم (٢) وقد كان شيخ في هذه النّاحية رحمهالله يقول : قد وسمت هؤلاء باللّابديّة أي أنَّه لا مرجع لهم ولا معتمد إلّا إلى أنَّه لابدّ من أن يكون هذا الّذي (ليس) في الكاينات ، فوسمهم من أجل ذلك ، ونحن نسمّيهم بها أي أنهم دون كلّ من له بدَّ يعكف عليه إذ كان أهل الأصنام الّتى أحدها البدّ قد عكفوا على موجود وإن كان باطلاً ، وهم قد تعلّقوا بعدم ليس وباطل محض وهم اللّابدّيّة حقّاً ، أي لابدّ لهم يعكفون عليه (٣) إذ كان كلُّ مطاع معبود ، وقد وضح ما قلنا من اختصاصهم من كلّ نوع الباطل بخاصّة يزدادون بها انحطاطاً والحمد لله.
ثمَّ قال : نختم الان هذا الكتاب بأن نقول : إنّما نناظر ونخاطب من قد سبق منه الاجماع على أنَّه لابدّ من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجّة الله ويسدُّ به فقر الخلق وفاقتهم ومن لم يجتمع معنا على ذلك فقد خرج من النظر في كتابنا فضلا عن مطالبتنا به ونقول لكلِّ من اجتمع معنا على هذا الاصل من الّذي قدَّمنا في هذا الموضع : كنّا وإيّاكم قد أجمعنا على أنَّه لا يخلو أحد من بيوت هذه الدّار من سراج زاهر ، فدخلنا الدّار فلم نجد فيها إلّا بيتاً واحدا فقد وجب وصحَّ أنَّ في ذلك البيت سراجاً. والحمد لله رب العالمين.
فأجابه أبو جعفر محمّد بن عبد الرَّحمن بن قبة الرَّازيُّ بأن قال : إنّا نقول : ـ وبالله التوفيق : ـ ليس الاسراف في الادِّعاء والتقوُّل على الخصوم ممّا يثبت بهما حجّة ، ولو كان ذلك كذلك لارتفع الحجاج بين المختلفين واعتمد كلُّ واحد على إضافة ما يخطر بباله من سوء القول إلى مخالفه وعلى ضدِّ هذا بني الحجاج ووضع
__________________
(١) يعنى أبو جعفر قال للمعترض.
(٢) لمّا كان جواب أبي جعفر ابن أبي غانم للمعترض : « أقول أنَّه جعفر ». تعجب منه ابن بشارلان جعفر ليس بقابل أن يخاصم فيه أولم يكن مورداً لها.
(٣) كذا.