وترويه المذقة (١) ومن عيّرك شيئاً ففيه مثله ، ومن ظلمك وجد من يظلمه ، متى عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك ، فإذا نهيت عن شيء فأبدء بنفسك ، ولا تجمع ما لا تأكل ولا تأكل ما لا تحتاج إليه ، وإذا ادَّخرت فلا يكونن كنزك إلّا فعلك ، وكن عفَّ العيلة مشترك الغنى تسد قومك ، ولا تشاورنَّ مشغولاً وإن كان حازماً ، ولا جائعاً وإن كان فهماً ، ولا مذعوراً وإن كان ناصحاً ، ولا تضعَّن في عنقك طوقا لا يمكنك نزعه إلّا بشقّ نفسك ، وإذا خاصمت فاعدل ، وإذا قلت فاقتصد ، ولا تستودعنَّ أحداً دينك وإن قربت قرابته ، فانّك إذا فعلت ذلك لم تزل وجلاً وكان المستودع بالخيار في الوفاء بالعهد ، وكنت له عبداً ما بقيت ، فإنَّ جنى عليك كنت أولى بذلك ، وإن وفي كان الممدوح دونك ، عليك بالصّدقة فإنّها تكفر الخطيئة.
فكان قسّ لا يستودع دينه أحداً وكان يتكلّم بما يخفى معناه على العوامِّ ولا يستدركه إلّا الخواصّ.
١١
( باب )
* (في خبر تبع) *
وكان تبع الملك أيضاً ممّن عرف النبيّ صلىاللهعليهوآله وانتظر خروجه لأنّه قد وقع إليه خبره ، فعرفه أنَّه سيخرج من مكة نبي يكون مهاجرته إلى يثرب.
٢٥ ـ محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضياللهعنه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن عليٍّ ، عن عمر بن أبان ، عن أبان رفعه أن تبّع قال في مسيره :
حتى أتاني من قريظة عالمٌ |
|
حبر لعمرك في اليهود مسود |
__________________
(١) المذقة ـ بفتح الميم والقاف وسكون الدال ـ : الشربة من اللبن الممذوق. والمذق. المزج والخلط ، يقال : مذقت اللبن فهو مذيق إذا خلطته بالماء.