قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

كمال الدّين وتمام النّعمة

كمال الدّين وتمام النّعمة

592/686
*

إلي باب الملك وهو يبكي بكاء شديداً ونتف شعره ، فلمّا بلغ ذلك الملك دعابه ، فلمّا أذن له الملك دخل عليه ووقع على الأرض ونادى بالويل والثّبور ورفع يده بالتضرُّع فقال له الملك : اقترب أيّها السفيه أنت تجزع من مناد نادى على بابك بأمر مخلوق وليس بأمر خالق ، وأنا أخوك وقد تعلم أنَّه ليس لك إليَّ ذنب أقتلك عليه ، ثمّ أنتم تلومونني على وقوعي إلى الأرض حين نظرت إلى منادي ربّي إلي وأنا أعرف منكم بذنوبي ، فاذهب فإنّي قد علمت أنَّه إنّما استفزَّك وزرائي وسيعلمون خطأهم.

ثمَّ أمر الملك بأربعة توابيت فصُنعت له من خشب فطلى تابوتين منها بالذَّهب وتابوتين بالقار ، فلمّا فرغ منها ملأ تابوتي القار ذهباً وياقوتاً وزبرجداً ، وملأ تابوتي الذَّهب جيفاً ودماً وعذرة وشعراً ، ثمّ جمع الوزراء والاشراف الّذين ظنَّ أنّهم أنكروا صنيعه بالرَّجلين الضعيفين النّاسكين فعرض عليهم التوابيت الاربعة وأمرهم بتقويمها فقالوا : أمّا في ظاهر الامر وما رأينا ومبلغ علمنا فإنَّ تابوتي الذهب لا ثمن لهما لفضلهما وتابوتي القار لا ثمن لهما لرذالتهما ، فقال الملك : أجل هذا لعلمكم بالاشياء ومبلغ رأيكم فيها ، ثمّ أمر بتابوتي القار فنزعت عنهما صفايحهما فأضاء البيت بما فيهما من الجواهر فقال : هذان مثل الرجلين الّذين ازدريتم لباسهما وظاهرهما وهما مملوءان علماً وحكمة وصدقاً وبرّاً وسائر مناقب الخير الّذي هو أفضل من الياقوت واللّؤلؤ والجوهر والذَّهب.

ثمَّ أمر بتابوتي الذَّهب فنزع عنهما أثوابهما فاقشعرَّ القوم من سوء منظرهما وتاذُّوا بريحهما نتنهما ، فقال الملك : وهذان مثل القوم المتزيّنين بظاهر الكسوة واللّباس وأجوافهما مملوءة جهالة وعمىً وكذباً وجوراً وسائر أنواع الشرِّ الّتي هي أفظع وأشنع وأقذر من الجيف.

قال القوم للملك : قد فقّهنا واتّعظنا أيّها الملك.

ثمّ قال بلوهر : هذا مثلك يا ابن الملك فيما تلقيتني به من التحية والبشر فانتصب يوذاسف ـ ابن الملك ـ وكان متّكئاً ، ثمّ قال : زدني مثلاً قال الحكيم :