خارج تسلسل الشجرة
المشتركة وظهرت أياد والنمر لا محالة بمظهر هامشي بارز. ثم إن الأمر يختلط على
نسابينا ومؤرخينا ، فخلطوا بين هجرة قضاعة واستقرار عرب الضاحية واستقرار تغلب
والنمر وأياد في الجزيرة . لكن هذا الشتات العربي كان يربط الصلات حيثما كان.
فهل هذا أصل مشترك؟
أو تضامن أملاه ما كانت عليه ظروف العيش من تشابه ، أم كانت سهولة في التحرك مردها
استمرار الترحال؟ يرى المسعودي أن الاستقرار الأول في الحيرة ، تم بواسطة انفصال
جموع من المهاجرين في الشام ، فوصف جذيمة الأول بأنه تنوخي . هذا وأن تسمية تنوخ الغامضة تستند إلى الماضي البعيد.
الواقع أن هذه النسبة كانت نادرة في المصادر كلما اقتربنا من الفتح. لكن إذا وجب
التمييز بين خط الاتصال العربي ـ الفارسي بالطّف والخاضع للحيرة ، وبين منطقة
الجزيرة ، وبين المنطقة العربية الداخلية القريبة من العراق والمستقلة ، فلا مناص
من القول إن العناصر القبلية لهذه المناطق الثلاث كانت متشابكة.
أ) تقيم أياد
وتغلب والنمر على أرض الجزيرة بصورة رئيسية ، وهي ترتبط ارتباطا وثيقا بمصير
الحيرة ، وتوجد في قلب السواد أيضا ، تقوم على خفارة تجار سوق قرية بغداد ، أو بعين التمر حيث كانت تدافع عن الحصن برفقة الفرس ،
وقد قام خالد بتقتيلها . وقد تأكد من جهة أخرى أن ملك الحيرة كان يعتمد عليهم
ويستخدمهم ضمن فرق شرطته . ويمكن الافتراض أنهم أكثروا من التنقل حين انهارت مملكة
الحيرة ، مع العلم بأنهم كانوا يتنقلون دائما ، وأن مقرهم الرئيسي كان بأرض
الجزيرة الفراتية ، ويبدو أن الفرس استخدموهم في الدفاع عن حدودهم العربية.
ب) أقام عرب داخل
بلاد العرب علائق مع العالم الإيراني ، وكان بصرهم مركزا على العراق ، ولا سيما
قبيلتان كبيرتان من ربيعة هما عبد القيس وبكر. وقد بيّن ماسينيون Massignon أن عبد القيس تأثرت بالحياة
الإيرانية إلى حد ما قبل ظهور الإسلام بمدة .
__________________