بل وأنهىٰ اليه خيرَ مزاياً |
|
كبرت رفعةً بأن تتناها |
عالَمٌ عالِمُ السرائرِ أسرى (٤٦) |
|
سرَّه في عوالمٍ أنشاها |
جاء للانبياءِ منها يسيرٌ |
|
فيه قد فُضِّلَتْ على من سواها |
جمع الله فيه كلَّ كمالٍ |
|
أخذت عنه كلُّ نفسٍ هداها |
أوّل السابقين في حلبةِ (٤٧) الفضلِ ومصباحُ أرضِها وسماها |
( ٦٠ ) نَيِّرٌ أشرق الوجودُ بإشراقاتِ أنوار عزّةٍ جلّاها (٤٨) |
وبه قرَّتِ القوابلُ طرّاً |
|
بقبولِ الوجودِ عند دعاها |
واستقامت به السمٰوات والأرضُ ومن فيهما بحسنِ استواها |
مَلِكٌ مُلكُه الممالكُ لا بل |
|
هو قيّومُها (٤٩) الذي يرعاها |
وهو ناموسُها (٥٠) العليمُ بما قد |
|
عملتْهُ بجهرِها وخفاها |
وهو الكِلْمَةُ التي انزجر العمقُ لها واستقام من جدواها |
عيلمٌ فاض للعوالمِ منه |
|
خيرُ فيضٍ حَوَتْ به نعماها |
كلُّ ما في الوجودِ من كائناتٍ |
|
ذو المعالي لأجله سوّاها |
وكفاه على الخلائقِ طُرّاً |
|
أنّه كان في العُلىٰ مصطفاها |
وله اشتقَّ ذو الجلالة من أسمائِهِ اسماً سمت به حسناها |
( ٧٠ ) فهو في خلقِهِ الحميدُ وهذا |
|
( أحمد ) يا له عُلىً لا يُضاها |
سرّ فضلٍ لمّا يطقْ كتمهُ الغيبُ |
|
لأسرار حكمةٍ قد حواها |
لم يزل في عوالمٍ منه يجري |
|
في بحورٍ به اُفيضَ نداها |
____________________________
(٤٦) أسرى إسراءاً : سار ليلاً ، واسری به : سيّره ليلاً ، والكلمة هنا لا تدلّ على غرض الشاعر ، وهي كذا وردت في الأصل .
(٤٧) يقال : هو « يركض في كلّ حلبة من حلبات الجد » أي في كلّ سباق المجد ، وأصل الحلبة تطلق على الدفعة من الخيل في الرهان خاصة ، والخيل تجمع للسباق .
(٤٨) جلّى الأمر : أظهره .
(٤٩) القيّوم والقيّام : الذي لا بدء له والقائم بذاتِه ، وهما من أسمائه تعالى ، والشاعر أطلق الكلمة على النبي ـ صلّی الله عليه وآله ـ إطلاقاً مجازيّاً ، وذلك لما أعطى الله نبيّه من قيمومة على الكائنات والخلائق .
(٥٠) الناموس : يقال ناموس الرجل صاحب سرّه ، الذي يطلعه على باطن أمره ويخصّه بما يستره عن غيره ، وعليه فمعنى الناموس هنا بقول الشاعر : أنّ الرسول ـ صلّی الله عليه وآله ـ هو الذي أطلعه الله على غيبه ، واختصّه بما لم يخصّ به غيره .