بسم الله الرّحمن
الرّحيم
الحمد لله كما حمد
نفسه وأضعاف ما حمده خلقه حتى يفنى حمدهم ويبقى حمده ، لا إله إلا هو وحده. هذا
كتاب أذكر فيه ـ إن شاء الله تعالى ـ ما انتهى إليّ من أقضية رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي قضى بها ، أو أمر بالقضاء فيها ، إذ لا يحل لمن تقلّد
الحكم بين الناس أن يحكم إلا بما أمر الله به عزوجل في كتابه ، أو بما ثبت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه حكم بها ، أو بما أجمع العلماء عليه ، أو بدليل من هذه
الوجوه الثلاثة.
واتفق مالك وأبو
حنيفة والشافعي ـ رحمهمالله تعالى ـ على أنه لا يجوز لحاكم أن يحكم بين الناس حتى يكون
عالما بالحديث والفقه معا مع عقل وورع.
وكان مالك رحمهالله يقول في الخصال التي لا يصلح القضاء إلا بها : لا أراها
تجتمع اليوم في أحد ، فإذا اجتمع منها في الرجل خصلتان رأيت أن يولّى العلم
والورع.
قال عبد الملك بن
حبيب ـ رحمهالله تعالى ـ : فإن لم يكن فعقل وورع ، فبالعقل يسأل وبه تصلح
خصال الخير كلها ، وبالورع يعف. وإن طلب العلم وجده ، وإن طلب العقل إذا لم يكن
فيه لم يجده.
وأبدأ في ذلك
بأقضيته صلىاللهعليهوسلم في الدماء لما جاء في الحديث الصحيح الذي ذكره مسلم وغيره :
«إن أول ما يقضي الله تبارك وتعالى بين الناس يوم القيامة في الدماء». وأول ما
ينظر فيه من عمل العبد الصلاة ، فمن وجدت له صلاة نظر في سائر عمله ، ومن لم توجد
له صلاة لم ينظر في شي من عمله.
وليس بعد الشرك
بالله عزوجل أعظم من قتل النفس .
روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «زوال الدنيا بجميع ما فيها أهون على الله عزوجل من
__________________