وفي كتاب ابن عقبة : أن اليهود أخذوا الأمان أن لا يكون لهم شيء إلا ما على ظهورهم من الثياب ، وإنهم إن كتموا شيئا فقد برئتا منهم : ذمة الله وذمة رسوله. وقتل من أصحاب خالد عند فتح مكة رجلان : كرز بن جابر الفهري ، وخالد بن أخفش الخزاعي. قال ابن حبيب : وقتل من المشركين ثلاثة وعشرين رجلا. وقال ابن هشام : اثنا عشر ، أو ثلاثة عشر.
قال أبو عبيد : اختلف العلماء في مصالحة المشركين ، ومهادنتهم لمدة معلومة على ثلاثة أقوال : فقالت طائفة : مصالحتهم جائزة لقول الله عزوجل (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) [الأنفال : الآية ٦١]. وقوله تعالى : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ) [محمّد : الآية ٣٥]. الآيتان محكمتان إذا دعا المشركون إلى الصلح أجيبوا ، ولا يدعوهم إليه المسلمون إذا كانوا في قوة. وهذا قول مالك ـ رحمهالله ـ. وقالت طائفة : لا يصالحوا على حال ، وإنما هو قتالهم حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية. وجعلوا الآية التي في الأنفال منسوخة بآية القتال. وروي ذلك عن ابن عباس. وقالت طائفة : يجوز أن يصالحوا على مال يعطيه المسلمون إياهم إذا ضعفوا عن قتالهم. وروي أن معاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان فعلوا ذلك. ذكر ذلك الأوزاعي. وحجة مالك في إجازة الصلح أيضا قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم لصفوان بن أمية إذ بعث إليه وهب ابن عمير بردائه أمانا لصفوان شهرين ، ثم قال له أنزل أبا وهب قال : لا أنزل حتى تبين لي ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بل لك أن تسيّر أربعة أشهر» (١). وذكر الأوزاعي أن عبد الملك بن مروان كان يؤدي إلى طاغية الروم كل يوم ألف دينار ، ذكره الوليد بن مسلم عن الأوزاعي ، وقال : فعل ذلك معاوية أيام صفين ، وعمله عبد الملك زمان ابن الزبير.
«حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم»
في السهمان وسهمان الغائب وما تعطى المرأة من الغنيمة
في البخاري وغيره : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جعل للفرس سهمين ، وللراجل سهما (٢) ، هذا هو الثابت عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأجمع العلماء على العمل به ، إلا أبا حنيفة ـ رضياللهعنه ـ فإنه قال :
__________________
صالح كاتب الليث. قال الحافظ في التقريب. صدوق كثير الغلط. وكانت فيه غفلة وباقي رجال السند ثقات. ورواه أبو عبيد (٤٤٥) في باب الصلح والمهادنة.
(١) رواه مالك في الموطأ (١٥٤٧) في النكاح. باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله ثم أسلم. وهو حديث مرسل. وقال ابن عبد البر : لا أعلمه يتصل من وجه صحيح وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير. وابن شهاب إمام أهلها. وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده ورواه البيهقي في السنن (٧ / ١٨٦ و ١٨٧). وهو مرسل كذلك.
(٢) رواه البخاري (٢٨٦٣) و (٤٢٢٨) ، ومسلم (١٧٦٢) ، وأبو داود (٢٧٣٣) من حديث ابن عمر رضياللهعنهما.