بسم الله الرّحمن الرّحيم
ترجمة المؤلف
هو الإمام الحجّة محمد بن فرج ، أبو عبد الله مولى محمد بن يحيى ، المعروف بابن الطّلّاع ، القرطبي الفقيه المالكي ، مفتي الأندلس ومسندها في الحديث.
ولد في سلخ ذي القعدة سنة أربع وأربعمائة.
ذكره ابن بشكوال فقال : بقية الشيوخ الأكابر في وقته ، وزعيم المفتين بحضرته.
روى عن : يونس بن عبد الله القاضي ، ومكي بن أبي طالب ، وأبي عبد الله بن عابد ، وحاتم بن محمد ، وأبي عليّ الحدّاد الأندلسيّ ، وأبي عمرو المرشانيّ ، ومعاوية بن محمد العقيليّ ، وأبي عمر ابن القطّان.
قال : وكان فقيها عالما ، حافظا للفقه ، حاذقا بالفتوى ، مقدّما في الشّورى ، مقدّما في علل الشّروط ، مشاركا في أشياء ، مع دين وخير وفضل ، وطول صلاة ، قوّالا بالحقّ وإن أوذي فيه ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، معظّما عند الخاصّة ، والعامّة يعرفون له حقّه. ولي الصّلاة بقرطبة ، وكان مجوّدا لكتاب الله. أفتى النّاس بالجامع ، وأسمع الحديث ، وعمّر حتّى سمع منه الكبار والصّغار ، وصارت الرّحلة إليه. ألّف كتابا في أحكام النّبيّ صلىاللهعليهوسلم قرأته على أبي رحمهالله عنه.
تفقه على مذهب الإمام مالك وأصحابه حتى حذق الفتوى وبرع فيها ، وصار مقدما في الشورى ، عارفا بعقد الشروط وعللها ، ذاكرا لأخبار شيوخ بلده وفتاويهم ، مشاركا في أشياء من العلم ، مع خير وفضل ودين.
وقال القاضي عياض : كان صالحا قوّالا بالحقّ ، شديدا على أهل البدع ، غير هيوب للأمراء ، شوّر عند موت ابن القطّان ، إلى أن دخل المرابطون فأسقطوه من الفتيا لتعصّبه عليهم ، فلم يستفت إلى أن مات.
سمع منه عالم كثير ، ورحل النّاس إليه من كلّ قطر لسماع «الموطّأ» ولسماع «المدوّنة» لعلوّه في ذلك.
وحدّث عنه أبو عليّ بن سكّرة ، وقال في مشيخته الّتي خرّجها له عياض : سمع يونس بن عبد الله بن مغيث ، وحمل عنه «الموطّأ» و «سنن النّسائيّ». وكان أسند من بقي ، صحيحا ،