عليها ملك يقال له : جرجير ، كان هرقل استخلفه فخلعه ، وكان سلطانه ما بين أطرابلس إلى طنجة ، ومستقر سلطانه يومئذ بمدينة يقال لها قرطاجنة ، فلقى عبد الله جرجير ، فقاتله فقتله الله ، وولى قتله عبد الله بن الزبير ، فيما يزعمون ، وهرب جيش جرجير ، فبعث عبد الله السرايا وفرقها ، فأصابوا غنائم كثيرة ، فلما رأى ذلك رؤساء أهل إفريقية سألوه أن يأخذ منهم مالا على أن يخرج من بلادهم ، فقبل منهم ذلك ورجع إلى مصر ، ولم يول على إفريقية أحدا ، ولا اتخذ بها قيروانا.
ويروى أن جرجيرا لما نازله المسلمون القتال أبرز ابنته وكانت من أجمل النساء ، فقال : من يقتل عبد الله بن سعد وله نصف ملكى وأزوجه ابنتى؟ فبلغ ذلك عبد الله فقال : أنا أصدق من العلج ، وأوفى بالعهد! من يقتل جرجيرا فله ابنته ، فقتله عبد الله بن الزبير ، فدفع إليه عبد الله ابنته.
وذكر ابن عبد الحكم (١) ، عن أبيه وابن عفير : أن ابنة جرجير صارت لرجل من الأنصار فى سهمه ، فأقبل بها منصرفا قد حملها على بعير له ، فجعل يرتجز :
يا ابنة جرجير تمشى عقبتك |
|
إن عليك بالحجاز ربّتك |
لتحملنّ من قباء قربتك |
فقالت : ما تقول؟ وسبته فأخبرت بذلك ، فألقت بنفسها عن البعير الذي كانت عليه ، فاندقت عنقها فماتت. فالله أعلم أى ذلك كان.
وكانت غنائم المسلمين يومئذ أنه بلغ سهم الفارس بعد إخراج الخمس ثلاثة آلاف دينار : للفرس ألفا دينار ، ولفارسه ألف دينار ، وللراجل ألف ، وقسم لرجل من الجيش توفى بذات الحمام ، فدفع إلى أهله بعد موته ألف دينار.
وكان جيش عبد الله بن سعد ذلك الذي وقع له القسم عشرين ألفا.
وبعث عبد الله بالفتح إلى عثمان ، رضياللهعنه ، عقبة بن نافع ، ويقال : بل عبد الله ابن الزبير ، وهو أصح.
وسار ، زعموا ، عبد الله بن الزبير على راحلته من إفريقية إلى المدينة عشرين ليلة ، ولما دخل على عثمان أخبره بلقائهم العدو ، وبما كان فى تلك الغزوة ، فأعجب عثمان فقال له : هل تستطيع أن تخبر الناس بهذا؟ قال : نعم ، فأخذ بيده حتى انتهى به إلى المنبر ثم
__________________
(١) انظر : فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم (ص ١٨٤ ، ١٨٥).