فعجل ، وأما أنا ، فجعل الله لى هذه الضربة شهادة وأهدى إلىّ أخرى مثلها ، فو الله ما أحب أنها بعرض أبى قبيس ، وو الله لو لا أن يقتل بعض من حولى لأقدمت على هذا العدو حتى ألحق بربى ، يا أخى إن ثواب الشهادة عظيم ، وإن الدنيا قل ما يسلم منها أهلها.
قال : فما كان بأسرع من أن شد علينا منهم جماعة ، فمشى إليهم بسيفه ، فضاربهم ساعة وهو أمام الناس ، وثار بينهم الغبار ، فشددنا عليهم ، فصرنا منهم عدة ، وإذا نحن بعمرو بن سعيد صريعا ، وإذا هو قد بضع وبه أكثر من ثلاثين ضربة ، وكانوا حنقوا عليه وحردوا لما رأوا من شدة قتاله ، فقطعوه بأسيافهم يرحمهالله.
وقتل أيضا هناك من قريش من بنى سهم : سعيد بن عمرو ، وسعيد بن الحارث بن قيس ، والحارث بن الحارث ، وغلب المسلمون على الأرض واحتووها ، وصار من بقى من العدو فى الحصن ، وقد قتل الله منهم مقتلة عظيمة ، فأقام المسلمون على الحصن وقد غلبوا على سواد الأردن وأرضها وكل ما فيها ، وطلبوها بالنزول إليهم ، على أن يؤمنوهم ، فأبوا ، وذلك أنه بلغهم أن ملك الروم بعث إليهم رجلا من غسان يقال له : المنذر بن عمرو ، فجاء فى جمع عظيم من الروم يمد أهل فحل ، فلم يبلغهم حتى هزمهم الله وأذلهم ، فكان أراد أن يجىء حتى يدخل معهم حصنهم.
وكان طائفة قد جاءوا بعد وقعة فحل بيوم ، فقال خالد : ما أظن هؤلاء ينبغى لنا أن نعطيهم قوم قاتلوا على هذا الفيء وغلبوا عليه. فقال علقمة بن الأرث القيسى : لم أصلحك الله لا تجعلهم شركاءنا وقد جاءوا بعيالهم يسيرون ويغدون ويروحون لينصروا الإسلام ويجاهدوا فى سبيل الله؟ أفإن المسلمون سبقوهم بساعة من النهار لا يشركونهم وهم إخوانهم وأنصارهم؟ فقال خالد : ننظر ، قال أبو عبيدة : ما نرى إلا أن نشركهم.
فلما بلغ قضاعة أن المنذر بن عمرو قد دخل بطن الأردن ، جاء علقمة بن الأرث إلى أبى عبيدة ، فقال : إن المنذر بن عمرو قد نزل بطن الأردن ، أفلا تبعث إليه المسلمين؟فقال : دعه حتى يدنو. فقال : أصلحك الله ، ابعث معى خيلا فأنا أكفيكه. فقال : لا ، لا تقربنه ، لست آذن لك ، دعه حتى يدنو ، فخرج إلى أصحابه فقال لمن لم يشهد الوقعة منهم ، ولمن شهدها ، ولهم خيل وقوة : اخرجوا بنا حتى نلقى المنذر بن عمرو ، فإنى أرجو أن نصادمه مغترا فنقتله ، فنذهب إن شاء الله بأجرها وشرف ذكرها ، فتابعوه ، فأقبل حتى إذا دنا من عسكر المنذر بن عمرو ، حمل الخيل عليهم من جانب العسكر وهم