سعيد بن عامر ، فلم يتخلخل أحد منهم ، ورموا المسلمين بالنشاب ، فنادى سعيد بن زيد ، وكان من أشد الناس : يا خالد علام تستهدف هؤلاء الأعلاج؟ وقد رشقونا بالنشاب حتى شمست الخيل ، فقال خالد للمسلمين : احملوا رحمكم الله على اسم الله ، فحمل خالد والناس بأجمعهم ، فما واقفوهم فواقا ، وهزمهم الله ، فقتلهم المسلمون كيف شاءوا ، وأصابوا عسكرهم وما فيه.
وأصابت أبان بن سعيد بن العاص نشابة ، فنزعها وعصبها بعمامته ، فحمله إخوته ، فقال : لا تنزعوا عمامتى عن جرحى فلو قد نزعتموها تبعتها نفسى ، أما والله ما أحب أنها بحجر من جبل الحمر ، وهو جبل السماق ، فمات منها ، رحمهالله.
وأبلى يومئذ بلاء حسنا ، وقاتل قتالا شديدا عظم فيه غناؤه ، وعرف به مكانه ، وكان قد تزوج أم أبان بنت عتبة بن ربيعة ، وبنى عليها ، فباتت عنده الليلة التي زحفوا للعدو فى غدها ، فأصيب ، فقالت أم أبان هذه لما مات : ما كان أغنانى عن ليلة أبان.
وقتل اليعبوب بن عمرو بن ضريس المشجعى يومئذ ، سبعة من المشركين ، وكان شديدا جليدا ، فطعن طعنة كان يرجى أن يبرأ منها ، فمكث أربعة أيام أو خمسة ثم انتقضت به فاستأذن أبا عبيدة أن يأذن له إلى أهله ، فإن يبرأ رجع إليهم ، فأذن له ، فرجع إلى أهله بالعمر ، عمر المدائن ، فمات ، يرحمهالله ، فدفن هنالك.
وقتل مسلمة بن هشام المخزومى ، ونعيم بن عدى بن صخر العدوى ، وهشام بن العاص السهمى ، أخو عمرو بن العاص ، وهبار بن سفيان ، وعبد الله بن عمرو بن الطفيل الدوسى ، وهو ابن ذى النور ، وكان من فرسان المسلمين ، فقتلوا يومئذ ، رحمهمالله.
وقتل المسلمون فى المعركة منهم ثلاثة آلاف ، وأتبعوهم يأسرونهم ويقتلونهم ، فخرج فل الروم بإيلياء وقيسارية ودمشق وحمص فتحصنوا فى المدائن العظام.
وكتب خالد إلى أبى بكر : لعبد الله أبى بكر الصديق ، خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، من خالد بن الوليد ، سيف الله المصبوب على المشركين ، سلام عليك ، فإنى أخبرك أيها الصديق أنا التقينا نحن والمشركين وقد جمعوا لنا جموعا بأجنادين ، وقد رفعوا صلبهم ، ونشروا كتبهم ، وتقاسموا بالله لا يفروا حتى يفنونا أو يخرجونا من بلادهم ، فخرجنا إليهم واثقين بالله متوكلين على الله ، فطاعناهم بالرماح شيئا ، ثم صرنا إلى السيوف فقارعناهم بها مقدار جزر جزور ، ثم إن الله أنزل نصره وأنجز وعده وهزم الكافرين ، فقتلناهم فى كل فج وشعب وحائط ، فالحمد لله على إعزاز دينه وإذلال عدوه وحسن الصنع لأوليائه ، والسلام عليك ورحمة الله.