وقدم على رسول
الله صلىاللهعليهوسلم ، بهذا الكتاب رسولان لمسيلمة ، فقال لهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين قرءا كتابه : «فما تقولان أنتما؟» قالا : نقول كما قال
، فقال : «أما والله لو لا أن الرسل ما تقتل لضربت أعناقكما» ، ثم كتب إلى مسيلمة
: «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب ، أما بعد ،
فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين ».
قال ابن إسحاق :
وكان ذلك فى آخر سنة عشر ، وذكر غيره أن ذلك كان بعد انصراف النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، من حجة الوداع ، ووقوعه فى المرض الذي توفاه الله فيه ،
فالله تعالى أعلم.
وجد بعدو الله
ضلاله بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأصفقت معه حنيفة على ذلك ، إلا أفدادا من ذوى عقولهم ،
ومن أراد الله به الخير منهم ، وكان من أعظم ما فتن به قومه شهادة الرجال بن عنفوة
له بإشراك النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، إياه فى الأمر ، وكان من قصة الرجال أنه قدم مع قومه
وافدا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقرأ القرآن وتعلم السنن.
قال ابن عمر :
وكان من أفضل الوفد عندنا ، قرأ البقرة وآل عمران ، وكان يأتى أبيا يقرئه فقدم
اليمامة ، وشهد لمسيلمة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه أشركه فى الأمر من بعده ، فكان أعظم أهل اليمامة
فتنة من غيره ، لما كان يعرف به.
وقال رافع بن خديج
: كان بالرجال من الخشوع ولزوم قراءة القرآن والخير فيما نرى شيء عجيب ، خرج علينا
رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يوما وهو معنا جالس مع نفر ، فقال : «أحد هؤلاء النفر فى
النار» . قال رافع : فنظرت فى اليوم ، فإذا بأبى هريرة وأبى أروى
الدوسى وطفيل بن عمرو الدوسى ، والرجال بن عنفوة ، فجعلت أنظر وأعجب ، وأقول : من
هذا الشقى؟ فلما توفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، رجعت بنو حنيفة ، فسألت : ما فعل الرجال؟ قالوا : افتتن
، هو الذي شهد لمسيلمة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه أشركه فى الأمر من بعده ، فقلت : ما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهو حق.
قالوا : وسمع
الرجال يقول : كبشان انتطحا ، فأحبهما إلينا كبشنا. وكان ابن عمير اليشكرى من سراة
أهل اليمامة وأشرافهم ، وكان مسلما يكتم إسلامه ، وكان صديقا
__________________