قال : فإنهم يأتون يوم القيامة غرّا محجّلين من الوضوء ، وأنا فرطهم على الحوض ، وليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، فأناديهم : ألا هلم ، ألا هلم ، ألا هلمّ ، فيقال : إنهم قد بدّلوا ، فأقول : فسحقا ، فسحقا ، فسحقا.
من فضل البقيع
وروى الطبراني في الكبير ومحمد بن سنجر في مسنده وابن شبة في أخبار المدينة من طريق نافع مولى حمنة عن أم قيس بنت محصن ، وهي أخت عكّاشة ، أنها خرجت مع النبي صلىاللهعليهوسلم إلى البقيع ، فقال : يحشر من هذه المقبرة سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، وكأن وجوههم القمر ليلة البدر ، فقام رجل فقال : يا رسول الله وأنا ، فقال : وأنت ، فقام آخر فقال : يا رسول الله وأنا ، قال : سبقك بها عكّاشة ، قال : قلت لها : لم لم يقل للآخر؟ فقالت : أراه كان منافقا.
وذكر الهيثمي تخريج الطبراني له وقال : في إسناده من لم أعرفه.
وذكره الحافظ ابن حجر في شرح البخاري ، وسكت عليه.
ودخول سبعين ألفا الجنة بغير حساب من هذه الأمة من غير تقييد بالبقيع موجود في الصحيح ، بل جاء أزيد منه.
فروى أحمد والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا : سألت ربي عزوجل ، فوعدني أن يدخل الجنة من أمتي ، وذكر نحو رواية الصحيح ، وزاد : فاستزدت ربي ، فزادني مع كل ألف سبعين ألفا ، قال الحافظ ابن حجر : وسنده جيد ، قال : وفي الباب عن أبي أيوب عند الطبراني ، وعن حذيفة عند أحمد ، وعن أنس عند البزار ، وعن ثوبان عند أبي عاصم ، قال : فهذه طرق يقوي بعضها بعضا في الزيادة المذكورة.
قال : وجاء في أحاديث أخرى أكثر من ذلك أيضا ، فأخرج الترمذي وحسّنه والطبراني وابن حبان في صحيحه عن أبي أمامة رفعه : وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا مع كل ألف سبعين ألفا ، لا حساب عليهم ولا عذاب ، وثلاث حثيات من حثيات ربي.
وفي صحيح ابن حبان والطبراني بسند جيد نحوه.
ثم ذكر الحافظ ابن حجر ما يقتضي زيادة على ذلك أيضا ، وأن مع كل واحد سبعين ألفا ؛ فيتأيد بذلك رواية اختصاص البقيع بسبعين ألفا لا حساب عليهم ؛ فالكرم عميم ، والجاه عظيم.
وروى ابن شبة عن ابن المنكدر رفعه مرسلا : يحشر من البقيع سبعين ألفا على صورة القمر ليلة البدر ، كانوا لا يكتوون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون.
قال : وكان أبي يخبرنا أن مصعب بن الزبير دخل المدينة من طريق البقيع ومعه ابن رأس