مسجد قباء لا يجدون ما يتوضئون به ، إلا من الحديقة الجعفرية ، فكانوا يتحرّجون من دخولها لما سمعوا أنها مغصوبة من ملاكها ، انتهى.
وجمع المجد بأنّ الظاهر أن نجم الدين المذكور أنشأ الدرجة وتشعثت ، فأصلحها صفي الدين وجددها.
قلت : ويرده اتخاذ التاريخ كما سبق. والذي يظهر : أن جماعة الخرازين ـ كما ترجمهم به البدر ـ كانوا يسعون في عمارة المساجد وغيرها ، وكانوا فقراء ؛ فيعينهم الخدم ، وأهل الخير ، وكان صفي الدين له دنيا عظيمة فتخلى عنها ، وله معروف فكأنه هو الممد للخرازين بما صرفوا على عمارة الدرج ، وكان المطري يصحب الجميع ، فالظاهر أنه اطّلع على ذلك ، ثم أتم نجم الدين عمارة تلك الدرجة والله أعلم.
بئر الأعواف ، أحد صدقات النبي صلىاللهعليهوسلم الآتية
روى ابن شبة عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال : توضأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على شفة بئر الأعواف صدقته ، وسال الماء فيها ، ونبتت ثابتة على أثر وضوئه صلىاللهعليهوسلم ، ولم تزل فيها حتى الساعة.
وروى ابن زبالة عن عثمان بن كعب قال : طلب رسول الله صلىاللهعليهوسلم سارقا ، فهرب منه ، فنكبه الحجر الذي وضع بين الأعواف صدقة النبي صلىاللهعليهوسلم وبين الشطبية مال ابن عتبة ، فوقع السارق ، فأخذه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبرّك رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الحجر ومسّه ودعا له ، فهو الحجر الذي فيما بين الأعواف والشطبية يطلع طرفه يمسه الناس.
قلت : والأعواف اليوم اسم لجرع كبير في قبلة المربوع ، وفي شاميه خنافة ، وفيه آبار متعددة ؛ فلا تعرف البئر المذكورة منها ، وكذلك الحجر ؛ لأن الشطبية غير معروفة اليوم ، ولعلها الموضع المعروف بالعتبى ؛ لقوله في الرواية المتقدمة : مال ابن عتبة ، والعتبى بجنب الأعواف من المشرق ، فإن كان هو الشطبية فبئر الأعواف هي البئر التي فيها يلي خنافة من جرع الأعواف ، وهي اليوم معطلة لا ماء بها ، ويستأنس لذلك بما نقله ابن زبالة من أن الأعواف كانت لخنافة اليهودي جد ريحانة رضي الله تعالى عنها.
ولم يذكر المطري ومن تبعه هذه البئر ولا الغلالة بعدها ؛ لسكوت ابن النجار عنها.
بئر أنا : بضم الهمزة وتخفيف النون كهنا ، وقيل : بالفتح وكسر النون المشددة بعدها مثناة تحتية ، وقيل : بالفتح والتشديد كحتّى ، وضبطه في النهاية بفتح الهمزة وتشديد الباء الموحدة كحتى ، ذكره في القاموس أيضا ، وذكره ياقوت في المشترك له ، وقال : كذا هو مضبوط بخط أبي الحسين بن الفرات ، ثم قال : وذكر آخرون أنها بئر أنا بضم الهمزة والنون الخفيفة.