جديلة هي حصّة حسان ، بنى فيها معاوية بن أبي سفيان هذا القصر ، وأغرب الكرماني فزعم أن معاوية الذي بنى القصر المذكور هو معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار أحد أجداد أبي طلحة.
قلت : منشأ وهمه إضافة القصر إلى بني جديلة ، وجديلة لقب معاوية المذكور وهو مردود ، بل إضافته إليهم لكونه بمنازلهم.
قال ابن شبة : وأما قصر بني جديلة فإن معاوية بن أبي سفيان بناه ليكون حصنا ، وله بابان : باب شارع على خط بني جديلة ، وباب في الزاوية الشرقية اليمانية عند دار محمد بن طلحة التّيمي ، وهو اليوم لعبد الله بن مالك الخزاعي قطيعة ، وكان الذي ولي بناءه لمعاوية الطفيل بن أبي كعب الأنصاري ، وفي وسطه بيرحاء.
ثم روى عقبه عن العطاف بن خالد قال : كان حسان يجلس في أجمة فارع ، ويجلس معه أصحاب له ، ويضع لهم بساطا يجلسون عليه ، فقال يوما وهو يرى كثرة من يأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم من العرب يسلمون :
أرى الجلابيب قد عزّوا وقد كثروا |
|
وابن العريفة أمسى بيضة البلد |
فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : من لي من أصحاب البساط؟ فقال صفوان بن المعطل : أنا لك يا رسول الله منهم ، فخرج إليهم واخترط سيفه ، فلما رأوه مقبلا عرفوا في وجهه الشر ، ففرّوا وتبدّدوا ، وأدرك حسان داخلا بيته ، فضربه ، فعلق ثنّته ، فبلغني أن النبي صلىاللهعليهوسلم عوّضه وأعطاه حائطا ، فباعه من معاوية بن أبي سفيان بعد ذلك بمال كثير ، فبناه معاوية بن أبي سفيان قصرا.
وروى أيضا في خبر الإفك عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التّيمي قصة ضرب صفوان لحسان ، وأن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : أحسن يا حسان في الذي أصابك ، قال : هي لك يا رسول الله ، فأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم عوضا منها بيرحاء ، وهي قصر بني جديلة اليوم بالمدينة ، كانت مالا لأبي طلحة بن سهل تصدّق بها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأعطاها حسان في ضربته شيرين أمة قبطية.
وروى ابن زبالة عن أبي بكر بن حزم أن أبا طلحة تصدّق بمال له كان موضعه قصر بني جديلة ، فدفعه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فردّه على أقاربه أبيّ بن كعب وحسان بن ثابت وثبيط بن جابر وشداد بن أوس أو أبيه أوس بن ثابت يعني أخا حسّان بن ثابت ، فتقاوموه ، فصار لحسان بن ثابت ، فباعه من معاوية بن أبي سفيان بمائة ألف درهم ، قال : وكان معاوية قد بنى قصر خل ليكون حصنا لما كان يتحدّث أنه نصيب بني أمية ، وذكر ما سيأتي في قصر خل ، ثم قال : فلما اشترى بيرحاء بنى قصر بني جديلة في موضعها للذي كان يخاف من ذلك.